responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 359
وَهَلْ عَمِلُوا مِنْ ذَلِكَ عَمَلًا مُوَافِقًا لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرِ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ عَمَلًا مُخَالِفًا لِأَمْرِهِ تَعَالَى وَأَمْرِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَهَلْ يَلْزَمُهُمْ دِينُ الْإِسْلَامِ وَيَخْلُدُونَ فِي النَّارِ لِخِلَافِهِمْ لَهُ أَمْ لَا؟ وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهَا. فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ بِحَقٍّ أَنَّهُ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ وَأَنَّهُمْ غَيْرُ ظَالِمِينَ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا بِذَلِكَ عَمَلًا مُخَالِفًا لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ دِينُ الْإِسْلَامِ: كُفْرٌ صُرَاحٌ بَرَاحٌ لَا مِرْيَةَ فِيهِ، فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ، وَإِذْ قَدْ سَقَطَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْآخَرُ، وَهُوَ الْحَقُّ الْيَقِينُ مِنْ أَنَّهُمْ إنَّمَا أَخَذُوهُ بِالْبَاطِلِ وَأَخَذُوا حَرَامًا عَلَيْهِمْ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ أُظْلَمُ الظَّالِمِينَ، وَأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِذَلِكَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَمْرُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ الْتِزَامَ دِينِ الْإِسْلَامِ فَرْضٌ عَلَيْهِمْ.
فَإِذْ لَا شَكَّ فِي هَذَا فَأَخْذُهُمْ لِمَا أَخَذُوا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ، وَظُلْمٌ مَفْسُوخٌ وَلَا حَقَّ لَهُمْ وَلَا لِأَحَدٍ يُشْبِهُهُمْ فِيهِ؛ فَهُوَ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ أَبَدًا. وَهَذَا أَمْرٌ مَا نَدْرِي كَيْفَ يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْحَاضِرُونَ مِنْ الْمُخَالِفِينَ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ أَحْرَارَنَا أَصْلًا، وَأَنَّهُمْ مُسَرَّحُونَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا بِلَا تَكْلِيفِ ثَمَنٍ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ تَمَلُّكِ الْحُرِّ، وَبَيْنَ تَمَلُّكِ الْمَالِ بِالظُّلْمِ وَالْبَاطِلِ لَوْ أَنْصَفُوا أَنْفُسَهُمْ؟ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَمْلِكُ عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْغَصْبِ، فَكَيْف وَقَعَتْ لَهُمْ هَذِهِ الْعِنَايَةُ بِالْكُفَّارِ فِي ذَلِكَ مَعَ عَظِيمِ تَنَاقُضِهِمْ فِي أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ عَلَيْنَا لَا يَمْلِكُونَ عَلَيْنَا؟ وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَظِيمَةً دَلَّتْ عَلَى فَسَادِ دِينِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ جَوْرٌ يَنْفُذُ، وَنَظَرُهُ بِمُفَضِّلِ بَعْضِ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ - فَحَصَلَ هَذَا الْجَاهِلُ عَلَى الْكَذِبِ وَالْكُفْرِ
وَهُوَ أَنَّهُ نَسَبَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَنْفَذَ تَفْضِيلَ بَشِيرٍ لِبَعْضِ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ - وَقَدْ كَذَبَ فِي ذَلِكَ؛ بَلْ أَمَرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِرَدِّهِ نَصًّا.
ثُمَّ نَسَبَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَنْفَذَ الْجَوْرَ وَأَمْضَاهُ، وَهَذَا كُفْرٌ مِنْ قَائِلِهِ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَسَقَطَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 359
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست