responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 325
[مَسْأَلَةٌ مَكَّةُ أَفْضَلُ بِلَادِ اللَّهِ]
مَسْأَلَةٌ:
وَمَكَّةُ أَفْضَلُ بِلَادِ اللَّهِ - تَعَالَى -، نَعْنِي الْحَرَمَ وَحْدَهُ وَمَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ عَرَفَاتٍ فَقَطْ.
وَبَعْدَهَا مَدِينَةُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَعْنِي حَرَمَهَا وَحْدَهُ.
ثُمَّ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، نَعْنِي الْمَسْجِدَ وَحْدَهُ - هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ، وَاحْتَجَّ مُقَلِّدُوهُ بِأَخْبَارٍ ثَابِتَةٍ.
مِنْهَا: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ إبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى فَضْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَكَّةَ أَصْلًا، وَإِنَّمَا فِيهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَرَّمَهَا كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا كَمَا دَعَا إبْرَاهِيمُ لِمَكَّةَ فَقَطْ، وَهَذَا حَقٌّ، وَقَدْ دَعَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ كَمَا دَعَا لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَلِأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَهَلْ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِنَا عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى مُسَاوَاتِنَا فِي الْفَضْلِ؟ هَذَا مَا لَا يَقُولُهُ ذُو عَقْلٍ.
وَقَدْ حَرَّمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: الدِّمَاءَ، وَالْأَعْرَاضَ، وَالْأَمْوَالَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلٍ؛ وَاحْتَجُّوا بِخَبَرٍ آخَرَ صَحِيحٍ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي تَمْرِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا، اللَّهُمَّ إنَّ إبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنَّهُ دَعَا لِمَكَّةَ، وَإِنِّي أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ بِهِ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ» .
وَبِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنْ الْبَرَكَةِ» وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَكَّةَ وَإِنَّمَا فِيهِ الدُّعَاءُ لِلْمَدِينَةِ بِالْبَرَكَةِ، وَنَعَمْ، هِيَ وَاَللَّهِ مُبَارَكَةٌ، وَإِنَّمَا دَعَا إبْرَاهِيمُ لِمَكَّةَ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ - تَعَالَى - إذْ يَقُولُ: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [إبراهيم: 37] .
وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الثِّمَارَ بِالْمَدِينَةِ أَكْثَرُ مِمَّا بِمَكَّةَ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست