responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 205
وَلَا انْتَبَهَتْ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، فَقَدْ بَطَلَ حَجُّهَا، وَسَوَاءٌ وَقَفَ بِهَا بِمُزْدَلِفَةَ، أَوْ لَمْ يَقِفْ، لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الْمَذْكُورَةَ فَرْضٌ مِنْ فَرَائِضِ الْحَجِّ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .
فَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَجْزِي عَمَلٌ مَأْمُورٌ بِهِ إلَّا بِنِيَّةِ الْقَصْدِ إلَيْهِ مُؤَدًّى بِإِخْلَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ كَمَا أَمَرَ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا فَلَمْ يَعْبُدْ اللَّهَ فِي الْأَعْمَالِ الْمَذْكُورَةِ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ بِهَا فَلَمْ يَأْتِ بِهَا، وَلَا حَجَّ لِمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا، وَلَا يُجْزِي أَنْ يَقِفَ بِهِ غَيْرُهُ هُنَالِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] .
وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ امْرَأً مَرَّ بِعَرَفَةَ مُجْتَازًا لَيْلَةَ النَّحْرِ - نَزَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَنْزِلْ - وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهَا عَرَفَةُ - فَلَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَلَا حَجَّ لَهُ حَتَّى يَقِفَ بِهَا قَاصِدًا إلَى الْوُقُوفِ بِهَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُ أَنْ يُحْرِمَ أَحَدٌ عَنْ غَيْرِهِ فَإِذَا أَحْرَمَ بِنِيَّةِ الْحَجِّ أَجْزَأَ كُلُّ عَمَلٍ فِي الْحَجِّ بِلَا نِيَّةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: أَعْمَالُ الْحَجِّ كُلُّهَا تَجْزِي بِلَا نِيَّةٍ، وَلَوْ أَنَّ مَنْ لَمْ يَحُجَّ قَطُّ حَجَّ وَلَا يَنْوِي إلَّا التَّطَوُّعُ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْفَرْضِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ أَقْوَالٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالتَّنَاقُضِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا لَوْ أَنَّ امْرَأً عَلَيْهِ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا، أَوْ عَلَيْهِ الظُّهْرُ فَصَلَّى أَرْبَعًا تَطَوُّعًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ مِنْ الْفَرْضِ، وَأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَتَصَدَّقَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ تَطَوُّعًا أَنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ مِنْ الْفَرْضِ.
وَأَجْمَعُوا إلَّا زُفَرَ: أَنَّ مَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ يَنْوِي بِهِ التَّطَوُّعَ فَقَطْ، أَوْ لَا يَنْوِي بِهِ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ مِنْ صَوْمِ الْفَرْضِ - فَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ لَوْ نَصَحُوا أَنْفُسَهُمْ؟ فَإِنْ قَالُوا: قَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ لِلصَّبِيِّ حَجًّا، وَسَمِعَ إنْسَانًا لَمْ يَكُنْ حَجَّ يُلَبِّي عَنْ شُبْرُمَةَ فَقَالَ [لَهُ] «اجْعَلْ حَجَّكَ هَذَا عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» .

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست