responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 158
أَوْرَدْنَا أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّفَرُ مِنْهُمْ فِي الْهَدْيِ وَأَنَّهُ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْجَزُورُ عَنْ سَبْعَةٍ» فَعَمَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَمْ يَخُصَّ مَنْ اتَّفَقَتْ أَغْرَاضُهُمْ مِمَّنْ اخْتَلَفَتْ؛ وَإِنَّمَا أُمِرْنَا فِي الْهَدْيِ بِالتَّذْكِيَةِ وَبِالنِّيَّةِ عَمَّا يَقْصِدُهُ الْمَرْءُ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» فَحَصَلَتْ الْبَدَنَةُ، وَالْبَقَرَةُ مُذَكَّاةٌ إذْ ذُكِّيَتْ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِأَمْرِ مَالِكِهَا وَسَمَّى اللَّهَ - تَعَالَى - عَلَيْهَا؛ ثُمَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حِصَّتِهِ مِنْهَا نِيَّةٌ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] فَأَحْكَامُ جُمْلَتِهَا أَنَّهَا مُذَكَّاةٌ؛ وَحُكْمُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا مَا نَوَاهُ فِيهِ مَالِكُهُ، وَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَجْزَاءِ سَبْعَةٍ مِنْ الْبَقَرَةِ، أَوْ الْبَعِيرِ وَبَيْنَ سَبْعِ شِيَاهٍ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُمْ، وَإِنْ كَانَتْ أَغْرَاضُهُمْ مُتَّفِقَةً وَكَانَ سَبَبُهُمْ كُلُّهُمْ وَاحِدًا، فَإِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمَهُ وَأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَقْبَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ بَعْضِهِمْ، وَلَا يَقْبَلُ مِنْ بَعْضِهِمْ؛ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي حِصَّةِ الْمُتَقَبَّلِ مِنْهُ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا قَوْلُنَا: لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُهْدِيَهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، وَأَنَّ لَهُ أَنْ يَذْبَحَهُ أَوْ يَنْحَرَهُ مَتَى شَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُهْدِيَهُ، وَيَنْحَرَهُ إلَّا بِمِنًى أَوْ بِمَكَّةَ؛ فَلِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَالَ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] فَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ - تَعَالَى - عَلَى مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، لَا عَلَى مَنْ لَمْ يَتَمَتَّعْ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ [بِلَا شَكٍّ] فَهُوَ مَا لَمْ يُحْرِمْ بِالْحَجِّ فَلَمْ يَتَمَتَّعْ بَعْدُ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَإِذْ لَمْ يَتَمَتَّعْ بَعْدُ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَالْهَدْيُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَنْ وَاجِبٍ إلَّا بِنَصٍّ وَارِدٍ فِي ذَلِكَ؛ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ فِي أَنَّهُ إنْ بَدَا لَهُ فَلَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ؛ فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ [عَلَيْهِ] هَدْيٌ بَعْدُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَلَا يُجْزِئُهُ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ عَمَّا يَكُونُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
وَأَمَّا ذَبْحُهُ وَنَحْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِأَنَّ هَذَا الْهَدْيَ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ - تَعَالَى - لَنَا أَوَّلَ وَقْتِ وُجُوبِهِ، وَلَمْ يَحُدَّ آخِرَ وَقْتَ وُجُوبِهِ بِحَدٍّ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ دَيْنٌ بَاقٍ أَبَدًا حَتَّى يُؤَدَّى؛ وَالْأَمْرُ بِهِ ثَابِتٌ حَتَّى يُؤَدَّى؛ وَمَنْ خَصَّهُ بِوَقْتٍ مَحْدُودٍ فَقَدْ قَالَ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - مَا لَمْ يَقُلْهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: لَا يُجْزِئُ هَدْيُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهَذَا قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ بَلْ هُوَ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ سَاقِطٌ؛ وَالْعَجَبُ مِنْ تَجْوِيزِ أَبِي حَنِيفَةَ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست