responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 149
وَصَحَّ أَنَّ الْمُرَاعَى هَاهُنَا إنَّمَا هُوَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَقَطْ، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَوَاجِبٌ أَنْ نَطْلُبَ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] لِنَعْرِفَ مَنْ أَلْزَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْهَدْيَ أَوْ الصَّوْمَ - إنْ تَمَتَّعَ - مِمَّنْ لَمْ يُلْزِمْهُ اللَّهُ - تَعَالَى - ذَلِكَ؟ فَنَظَرْنَا فَوَجَدْنَا لَفْظَةَ " الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " لَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ لَا رَابِعَ لَهَا: إمَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَرَادَ الْكَعْبَةَ فَقَطْ، أَوْ مَا أَحَاطَتْ بِهِ جُدْرَانُ الْمَسْجِدِ فَقَطْ، أَمْ أَرَادَ الْحَرَمَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ اسْمُ " مَسْجِدٍ حَرَامٍ " إلَّا عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ فَقَطْ.
فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى أَرَادَ الْكَعْبَةَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ لَا يَسْقُطُ الْهَدْيُ إلَّا عَمَّنْ أَهْلُهُ فِي الْكَعْبَةِ وَهَذَا مَعْدُومٌ وَغَيْرُ مَوْجُودٍ.
وَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَرَادَ مَا أَحَاطَتْ بِهِ جُدْرَانُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ قَدْ زِيدَ فِيهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةً فَكَانَ لَا يَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ يَنْتَقِلُ وَلَا يَثْبُتُ.
وَأَيْضًا فَكَانَ لَا يَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ إلَّا لِمَنْ أَهْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهَذَا مَعْدُومٌ غَيْرُ مَوْجُودٍ، فَإِذْ قَدْ بَطَلَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ فَقَدْ صَحَّ الثَّالِثُ إذْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا كَانَ اسْمُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَقَعُ عَلَى الْحَرَمِ كُلِّهِ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُخَصَّ بِهَذَا الْحُكْمِ بَعْضُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ دُونَ سَائِرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِلَا بُرْهَانٍ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَدْ بَيَّنَ عَلَيْنَا فَقَالَ: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [النساء: 26] فَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ - تَعَالَى - بَعْضَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ دُونَ بَعْضٍ لَمَا أَهْمَلَ ذَلِكَ وَلَبَيَّنَهُ، أَوْ لَكَانَ اللَّهُ - تَعَالَى - مُعَنِّتًا لَنَا غَيْرَ مُبَيِّنٍ عَلَيْنَا مَا أَلْزَمَنَا، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَظُنَّ هَذَا مُسْلِمٌ.
فَصَحَّ إذْ لَمْ يُبَيِّنْ اللَّهُ - تَعَالَى - أَنَّهُ أَرَادَ بَعْضَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ دُونَ بَعْضٍ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ - تَعَالَى - أَرَادَ كُلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَقُولُ: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] فَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ - تَعَالَى - أَرَادَ الْحَرَمَ كُلَّهُ، فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالدَّعْوَى.
وَصَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٍ، وَحُذَيْفَةَ «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» .

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست