responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 99
بِيَقِينٍ وُجُوبُهُ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِيَقِينٍ آخَرَ -: فَهَذَا لَازِمٌ لِمَنْ قَالَ: إنَّ مَنْ تَدَلَّكَ فِي الْغُسْلِ فَهُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ؛ وَالْغُسْلُ وَاجِبٌ بِيَقِينٍ؛ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِيَقِينٍ مِثْلِهِ؛ وَلِمَنْ أَوْجَبَ مَسْحَ جَمِيعِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ نَفْسِهَا؛ وَمِثْلُ هَذَا لَهُمْ كَثِيرٌ جِدًّا وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّ هَذَا لَا يَلْزَمُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَا تَجِبُ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ.
وَمَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَ فِي الِاسْتِدْلَالِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ إيجَابَ الْفَرَائِضِ وَشَرْعِ الشَّرَائِعِ بِاخْتِلَافٍ؛ لَا نَصَّ فِيهِ، وَهَذَا بَاطِلٌ؛ وَلَمْ يَتَّفِقْ قَطُّ عَلَى وُجُوبِ إيعَابِ جَمِيعِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ وَلَا عَلَى التَّدَلُّكِ فِي الْغُسْلِ؛ وَلَا عَلَى إيجَابِ الزَّكَاةِ فِي خَمْسِ مِنْ الْبَقَرِ فَصَاعِدًا إلَى الْخَمْسِينَ وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ اسْتِدْلَالُهُمْ هَذَا صَحِيحًا لَوْ وَافَقْنَاهُمْ عَلَى وُجُوبِ كُلِّ ذَلِكَ ثُمَّ أَسْقَطْنَا وُجُوبَهُ بِلَا بُرْهَانٍ؛ وَنَحْنُ لَنْ نُوَافِقَهُمْ قَطُّ عَلَى وُجُوبِ غُسْلٍ فِيهِ تَدَلُّكٌ؛ وَلَا عَلَى إيجَابِ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ، وَلَا عَلَى إيجَابِ زَكَاةٍ فِي خَمْسٍ مِنْ الْبَقَرِ فَصَاعِدًا؛ وَإِنَّمَا وَافَقْنَاهُمْ عَلَى إيجَابِ الْغُسْلِ دُون تَدَلُّكٍ، وَعَلَى إيجَابِ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ لَا كُلِّهِ؛ وَعَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي عَدَدٍ مَا مِنْ الْبَقَرِ لَا فِي كُلِّ عَدَدٍ مِنْهَا؛ فَزَادُوا هُمْ - بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ - إيجَابَ التَّدَلُّكِ، وَمَسْحَ جَمِيعِ الرَّأْسِ، وَالزَّكَاةَ فِي خَمْسٍ مِنْ الْبَقَرِ فَصَاعِدًا؛ وَهَذَا شَرْعٌ بِلَا نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ فَهَذَا يَلْزَمُ ضَبْطُهُ؛ لِئَلَّا يُمَوِّهَ فِيهِ أَهْلُ التَّمْوِيهِ بِالْبَاطِلِ، فَيَدَّعُوا إجْمَاعًا حَيْثُ لَا إجْمَاعَ، وَيُشَرِّعُوا الشَّرَائِعَ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ، وَيُخَالِفُوا الْإِجْمَاعَ الْمُتَيَقَّنَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقِيَاسِ الْبَقَرِ عَلَى الْإِبِلِ فِي الزَّكَاةِ فَلَازِمٌ لِأَصْحَابِ الْقِيَاسِ لُزُومًا لَا انْفِكَاكَ لَهُ؛ فَلَوْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْ الْقِيَاسِ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ صَحِيحًا وَمَا نَعْلَمُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ فَرْقًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ.
وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ يَقِيسُ مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ فَرْجَ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ فِي النِّكَاحِ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى مَا تُقْطَعُ فِيهِ يَدُ السَّارِقِ، وَمَنْ يَقِيسُ حَدَّ الشَّارِبِ عَلَى حَدِّ الْقَاذِفِ، وَمَنْ يَقِيسُ السَّقَمُونْيَا عَلَى الْقَمْحِ وَالتَّمْرِ، وَيَقِيسُ الْحَدِيدَ، وَالرَّصَاصَ وَالصُّفْرَ: عَلَى الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ؛ وَيَقِيسُ الْجِصَّ عَلَى الْبُرِّ وَالتَّمْرِ، فِي الرِّبَا، وَيَقِيسُ الْجَوْزَ عَلَى الْقَمْحِ فِي الرِّبَا؛ وَسَائِرِ تِلْكَ الْمَقَايِيسِ السَّخِيفَةِ وَتِلْكَ الْعِلَلِ الْمُفْتَرَاةِ الْغَثَّةِ -: أَنْ يَقِيسَ الْبَقَرَ عَلَى الْإِبِلِ فِي الزَّكَاةِ؛ وَإِلَّا فَقَدْ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست