responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 48
صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِشَيْءٍ فَالزَّكَاةُ عَلَى الزَّارِعِ - قَالَ: وَالْمُدُّ رَطْلَانِ. فَهَذِهِ خَمْسَةُ مَوَاضِعَ خَالَفَ فِيهَا الْحَقَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ حَبٍّ أَوْ ثَمَرٍ صَدَقَةٌ» . وَتَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» .
وَأَخْطَأَ فِي هَذَا، لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ هَذَا الْخَبَرَ وَعَصَى الْآخَرَ وَهَذَا لَا يَحِلُّ، وَنَحْنُ أَطَعْنَا مَا فِي الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا، وَهُوَ قَدْ خَالَفَ هَذَا الْخَبَرَ أَيْضًا، إذْ خَصَّ مِمَّا سَقَتْ السَّمَاءُ كَثِيرًا بِرَأْيِهِ، كَالْقَصَبِ، وَالْحَطَبِ، وَالْحَشِيشِ، وَوَرَقِ الشَّجَرِ وَمَا أُصِيبَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ، وَلَمْ يَرَ أَنْ يَخُصَّهُ بِكَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ كَلِفَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُطَاقُ كَمَا قَدَّمْنَا وَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ مَا أُصِيبَ فِي عَرَصَاتِ الدُّورِ، وَهَذِهِ تَخَالِيطُ لَا نَظِيرَ لَهَا.
وَأَمَّا أَبُو سُلَيْمَانَ فَقَالَ: مَا كَانَ يَحْتَمِلُ التَّوْسِيقَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَمَا كَانَ لَا يَحْتَمِلُ التَّوْسِيقَ فَالزَّكَاةُ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فَسَادَ هَذَا الْقَوْلِ قَبْلُ. وَالْعَجَبُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ صَاحِبُ قِيَاسٍ، وَهُوَ لَمْ يَرَ فِيمَا يُزَكَّى شَيْئًا قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ فَهَلَّا قَاسَ الزَّرْعَ عَلَى الْمَاشِيَةِ وَالْعَيْنِ. فَلَا النَّصَّ اتَّبَعَ، وَلَا الْقِيَاسَ طَرَدَ.
وَأَمَّا الْمُدُّ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ احْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَيُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ رَطْلَانِ» ، مَعَ الْأَثَرِ الصَّحِيحِ فِي «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» . وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّ شَرِيكًا مُطَّرِحٌ، مَشْهُورٌ بِتَدْلِيسِ الْمُنْكَرَاتِ إلَى الثِّقَاتِ، وَقَدْ أَسْقَطَ حَدِيثَهُ الْإِمَامَانِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ؛ وَتَاللَّهِ لَا أَفْلَحَ مَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالْجُرْحَةِ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُدَّ رَطْلَانِ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ بِثُلُثَيْ الْمُدِّ» ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ يُعَيِّرُ لَهُ الْمَاءَ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست