responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 308
قُلْنَا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ هَذَا فَاسِدًا مِنْ الْقِيَاسِ وَكَانَ أَصَحُّ أُصُولِكُمْ أَنْ تَقِيسُوا بُطْلَانَ الصَّوْمِ بِجَمِيعِ الْمَعَاصِي عَلَى بُطْلَانِهِ بِالْمَعْصِيَةِ بِالْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَهَذَا مَا لَا مُخَلِّصَ مِنْهُ. فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ اجْتِنَابُ الْمَعَاصِي مِنْ شُرُوطِ الصَّوْمِ؟ قُلْنَا: كَذَبْتُمْ لِأَنَّ النَّصَّ قَدْ صَحَّ بِأَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ الصَّوْمِ كَمَا أَوْرَدْنَا. فَإِنْ قَالُوا: تِلْكَ الْأَخْبَارُ زَائِدَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ؟ قُلْنَا: وَإِبْطَالُكُمْ الصَّوْمَ بِالسَّعُوطِ وَالْحُقْنَةِ، وَالْإِمْنَاءِ مَعَ التَّقْبِيلِ زِيَادَةٌ فَاسِدَةٌ بَاطِلَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ فَتَرَكْتُمْ زِيَادَةَ الْحَقِّ، وَأَثْبَتُّمْ زِيَادَةَ الْبَاطِلِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
735 - مَسْأَلَةٌ: فَمَنْ تَعَمَّدَ ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا فَقَدْ بَطَلَ صَوْمُهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهِ إنْ كَانَ فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي نَذْرٍ مُعَيَّنٍ، إلَّا فِي تَعَمُّدِ الْقَيْءِ خَاصَّةً فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ فِي تَعَمُّدِ الْقَيْءِ قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَسْأَلَتَيْنِ؛ وَلَمْ يَأْتِ فِي فَسَادِ الصَّوْمِ بِالتَّعَمُّدِ لِلْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَوْ الْوَطْءِ: نَصٌّ بِإِيجَابِ الْقَضَاءِ، وَإِنَّمَا افْتَرَضَ تَعَالَى رَمَضَانَ - لَا غَيْرَهُ - عَلَى الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ، فَإِيجَابُ صِيَامِ غَيْرِهِ بَدَلًا مِنْهُ إيجَابُ شَرْعٍ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوجِبَ اللَّهُ تَعَالَى صَوْمَ شَهْرٍ مُسَمًّى فَيَقُولُ قَائِلٌ: إنَّ صَوْمَ غَيْرِهِ يَنُوبُ عَنْهُ، بِغَيْرِ نَصٍّ وَارِدٍ فِي ذَلِكَ -: وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: إنَّ الْحَجَّ إلَى غَيْرِ مَكَّةَ يَنُوبُ عَنْ الْحَجِّ إلَى مَكَّةَ، وَالصَّلَاةَ إلَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ تَنُوبُ عَنْ الصَّلَاةِ إلَى الْكَعْبَةِ، وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: 1] .
فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا كُلَّ مُفْطِرٍ بِعَمْدٍ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُتَّقِي عَمْدًا قُلْنَا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ نَقَضَ هَذَا الْقِيَاسَ؟ فَأَكْثَرُهُمْ لَمْ يَقِسْ الْمُفْطِرَ عَمْدًا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ عَلَى الْمُفْطِرِ بِالْقَيْءِ عَمْدًا فِي إسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ عَنْهُمْ كَسُقُوطِهَا عَنْ الْمُتَّقِي عَمْدًا، وَهُمْ الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ: قَاسُوهُمْ عَلَى الْمُفْطِرِ بِالْقَيْءِ عَمْدًا، وَلَمْ يَقِيسُوهُمْ كُلَّهُمْ عَلَى الْمُجَامِعِ عَمْدًا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ؛ فَقَدْ تَرَكُوا الْقِيَاسَ الَّذِي يَدَّعُونَ فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يُسَوِّي بَيْنَ الْكُلِّ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ كُلِّمَ فِي إبْطَالِ الْقِيَاسِ فَقَطْ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست