responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 289
قُلْنَا: نَعَمْ، بِنَصٍّ صَحِيحٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا فَعَلْنَاهُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمَا نَعْلَمُ لِزُفَرَ حُجَّةً إلَّا أَنَّهُ قَالَ: رَمَضَانُ مَوْضِعٌ لِلصِّيَامِ وَلَيْسَ. مَوْضِعًا لِلْفِطْرِ أَصْلًا، فَلَا مَعْنَى لِنِيَّةِ الصَّوْمِ فِيهِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ؟
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذِهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ، مُبْطِلَةٌ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْضِعًا لِلصَّوْمِ لَا لِلْفِطْرِ أَصْلًا وَجَبَ أَنْ يَنْوِيَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ الْعِبَادَةِ بِذَلِكَ الصَّوْمِ، وَأَنْ يُخْلِصَ النِّيَّةَ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا، وَلَا يُخْرِجُهَا مَخْرَجَ الْهَزْلِ وَاللَّعِبِ.
وَوَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ أُمِرْنَا بِأَنْ نَجْعَلَهُ لِلصَّوْمِ، وَنُهِينَا فِيهِ عَنْ الْفِطْرِ، إلَّا حَيْثُ جَاءَنَا النَّصُّ بِالْفِطْرِ فِيهِ، فَهُوَ وَقْتٌ لِلطَّاعَةِ مِمَّنْ أَطَاعَ بِأَدَاءِ مَا أُمِرَ بِهِ وَوَقْتٌ - وَاَللَّهِ - لِلْمَعْصِيَةِ الْعَظِيمَةِ فَمَنْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ وَخَالَفَ أَمْرَهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمْ يَصُمْهُ كَمَا أُمِرَ؛ فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ - يَقِينًا بِالْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ - فَلَا بُدَّ ضَرُورَةً مِنْ قَصْدٍ إلَى الطَّاعَةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بِنِيَّةٍ لِذَلِكَ. وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
وَوَجْهٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ إلَّا مِقْدَارُ رَكْعَتَيْنِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا أَوْ عَابِثًا -: أَنْ يُجْزِئَهُ ذَلِكَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَقْتٌ لَهَا، لَا لِغَيْرِهَا أَصْلًا، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ: إنْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا. وَمَا عَلِمْنَا لِأَبِي حَنِيفَةَ حُجَّةً أَصْلًا فِي تِلْكَ التَّقَاسِيمِ الْفَاسِدَةِ السَّخِيفَةِ، إلَّا أَنَّ بَعْضَ مَنْ ابْتَلَاهُ بِتَقْلِيدِهِ مَوَّهَ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثٍ نَذْكُرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ التَّالِيَةِ، لِأَنَّهُ مَوْضِعُهُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ مُتَعَلِّقٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَصْلًا، بَلْ قَدْ نَقَضَ أَصْلَهُ، فَأَوْجَبَ فِيهِ نِيَّةً؛ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي الطَّهَارَةِ، ثُمَّ أَوْجَبَهَا فِي النَّهَارِ بِلَا دَلِيلٍ، وَمَا نَعْرِفُ لِمَالِكٍ حُجَّةً أَصْلًا؛ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَمَضَانُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا، وَصِيَامُ رَمَضَانَ يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ يَوْمَيْنِ مِنْهُ لَيْلٌ يَبْطُلُ فِيهِ الصَّوْمُ جُمْلَةً وَيَحِلُّ فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ، فَكُلُّ يَوْمٍ لَهُ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ؛ وَقَدْ يَمْرَضُ فِيهِ أَوْ يُسَافِرُ، أَوْ تَحِيضُ، فَيَبْطُلُ الصَّوْمُ، وَكَانَ بِالْأَمْسِ صَائِمًا، وَيَكُونُ غَدًا صَائِمًا.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست