responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 279
لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَفْتَرِقَا -: أَنْ لَا يَخْرُجُوا عَنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ خِلَافٌ لِمَا ذُكِرَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَعْدٍ، وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمُرْسَلِ.
وَأَمَّا مَنْ حَدَّ الْغِنَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَسْقَطُ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ إلَّا أَنْ قَالُوا: إنَّ الصَّدَقَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَتُرَدُّ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَهَذَا غَنِيٌّ: فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذِهِ لِوُجُوهٍ. أَوَّلُهَا: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالزَّكَاةِ عَلَى مَنْ أَصَابَ سُنْبُلَةً فَمَا فَوْقَهَا، أَوْ مَنْ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ؛ أَوْ أَرْبَعُونَ شَاةً، فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا حَدَّ الْغِنَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، دُونَ السُّنْبُلَةِ؛ أَوْ دُونَ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ دُونَ أَرْبَعِينَ شَاةً، وَكُلُّ ذَلِكَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. وَهَذَا هَوَسٌ مُفْرِطٌ. وَهَكَذَا رُوِّينَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ تَبْلُغُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَخَذَ مِنْ الزَّكَاةِ؟ وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ يَلْزَمُهُمْ أَنَّ مَنْ لَهُ الدُّورُ الْعَظِيمَةُ، وَالْجَوْهَرُ وَلَا يَمْلِكُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» دَلِيلٌ وَلَا نَصٌّ بِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُؤْخَذُ إلَّا مِنْ غَنِيٍّ وَلَا تُرَدُّ إلَّا عَلَى فَقِيرٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَتُرَدُّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَقَطْ، وَهَذَا حَقٌّ، وَتُؤْخَذُ أَيْضًا - بِنُصُوصٍ أُخَرَ - مِنْ الْمَسَاكِينِ الَّذِينَ لَيْسُوا أَغْنِيَاءَ، وَتُرَدُّ بِتِلْكَ النُّصُوصِ عَلَى أَغْنِيَاءَ كَثِيرٍ، كَالْعَامِلِينَ؛ وَالْغَارِمِينَ؛ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَابْنِ السَّبِيلِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فِي بَلَدِهِ.
فَهَذِهِ خَمْسُ طَبَقَاتٍ أَغْنِيَاءَ، لَهُمْ حَقٌّ فِي الصَّدَقَةِ؟ وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِي الصَّدَقَةِ فِي تَفْرِيقِهِ بَيْنَهُمْ إذْ يَقُولُ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60] إلَى آخِرِ الْآيَةِ فَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهِمْ مَنْ لَيْسَ فَقِيرًا، وَلَا مِسْكِينًا؟

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست