responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 262
سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ، وَالْأَقَارِبِ، وَالْجِيرَانِ، وَالسُّلْطَانِ؟ فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّ الْأَبَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ رَجَعَ الْحَنِيفِيُّونَ إلَى مَا أَنْكَرُوا مِنْ ذَلِكَ؟ وَيَلْزَمُ الْمَالِكِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ فِي هَذَا أَنْ يُؤَدِّيَهَا الْأَبُ - أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ - عَنْهُمْ، كَانَ لَهُمْ مَالٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ دُونَهُمْ. فَوَضَحَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ بِيَقِينٍ.
وَالْحَقُّ فِي هَذَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَهَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى: الْكَبِيرِ، وَالصَّغِيرِ، فَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا فَقَدْ قَالَ الْبَاطِلَ، وَادَّعَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْهُ، وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ؟ ثُمَّ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» . فَوَجَدْنَا مَنْ لَا مَالَ لَهُ - مِنْ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ - لَيْسَ فِي وُسْعِهِ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ؛ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ لَمْ يُكَلَّفْهَا قَطُّ، وَلَمَّا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُهَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهَا، بِنَصِّ كَلَامِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهِيَ لَازِمَةٌ لِلْيَتِيمِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِأَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ مَحْدُودَةٌ بِوَقْتٍ مَحْدُودِ الطَّرَفَيْنِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الزَّكَوَاتِ، فَلَمَّا خَرَجَ وَقْتُهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تَجِبَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَفِي غَيْرِ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِإِيجَابِهَا بَعْدَ ذَلِكَ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يَجِدُ مِنْ أَيْنَ يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ]
713 - مَسْأَلَةٌ: وَاَلَّذِي لَا يَجِدُ مِنْ أَيْنَ يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ، وَلَا تَلْزَمُهُ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِمَا ذُكِرَ أَيْضًا؟ فَمَنْ قَدَرَ عَلَى التَّمْرِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الشَّعِيرِ لِغَلَائِهِ، أَوْ قَدَرَ عَلَى الشَّعِيرِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّمْرِ لِغَلَائِهِ -: أَخْرَجَ صَاعًا وَلَا بُدَّ مِنْ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ، لِمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا. فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى بَعْضِ صَاعٍ أَدَّاهُ وَلَا بُدَّ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] .
وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَهُوَ وَاسِعٌ لِبَعْضِ الصَّاعِ، فَهُوَ مُكَلَّفٌ إيَّاهُ، وَلَيْسَ وَاسِعًا لِبَعْضِهِ، فَلَمْ يُكَلَّفْهُ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست