responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 215
وَلَيْسَتْ الزَّكَاةُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، فَيَجُوزُ الرِّضَا مِنْهُمْ بِالتَّعْجِيلِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِأَهْلِ صِفَاتٍ تَحْدُثُ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا، وَتَبْطُلُ عَمَّنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْقَابِضِينَ لَهَا الْآنَ - عِنْدَ مَنْ أَجَازَ تَعْجِيلَهَا - لَوْ أَبْرَءُوا مِنْهَا دُونَ قَبْضٍ لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ، وَلَا بَرِئَ مِنْهَا مِنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ بِإِبْرَائِهِمْ بِخِلَافِ إبْرَاءِ مَنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ، وَكَذَلِكَ إنْ دَفَعَهَا إلَى السَّاعِي، فَقَدْ يَأْتِي وَقْتُ الزَّكَاةِ وَالسَّاعِي مَيِّتٌ أَوْ مَعْزُولٌ، وَاَلَّذِي بَعَثَهُ كَذَلِكَ، فَبَطَلَ قِيَاسُهُمْ ذَلِكَ عَلَى دُيُونِ النَّاسِ، وَكَذَلِكَ قِيَاسُهُمْ عَلَى النَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةِ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأً عَجَّلَ نَفَقَةً لِامْرَأَتِهِ أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، ثُمَّ جَاءَ الْوَقْتُ الْوَاجِبَةُ فِيهِ النَّفَقَةَ، وَاَلَّذِي تَجِبُ لَهُ مُضْطَرٌّ -: لَمْ يُجْزِئْهُ تَعْجِيلُ مَا عَجَّلَ، وَأُلْزِمَ الْآنَ النَّفَقَةَ، وَأُمِرَ بِاتِّبَاعِهِ بِمَا عَجَّلَ لَهُ دَيْنًا، لِاسْتِهْلَاكِهِ مَا لَمْ يَجِبْ لَهُ بَعْدُ، بَلْ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ قِيَاسُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا عَلَى تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا وَالصَّوْمُ قَبْلَ وَقْتِهِ أَصَحُّ، لِأَنَّهَا كُلَّهَا عِبَادَاتٌ مَحْدُودَةٌ بِأَوْقَاتٍ لَا يَجُوزُ تَعَدِّيهَا وَهَذَا مِمَّا تَرَكُوا فِيهِ الْقِيَاسَ.
فَإِنْ ادَّعُوا إجْمَاعًا عَلَى الْمَنْعِ مِنْ تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ أَكْذَبَهُمْ الْأَثَرُ الصَّحِيحُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ، وَهْبَكَ لَوْ صَحَّ لَهُمْ الْإِجْمَاعُ لَكَانَ هَذَا حُجَّةً عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِمْ أَنَّ قِيَاسَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ عَلَى مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ هُوَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ قَبْلُ، ثُمَّ فُسِحَ لِلنَّاسِ فِي تَأْخِيرِهَا -: فَكَذِبٌ وَبَاطِلٌ وَدَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ قَطُّ إلَّا عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ، لِصِحَّةِ النَّصِّ بِإِخْرَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُصَدِّقِينَ عِنْدَ الْحَوْلِ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَيُضَيِّعَ قَبْضَ حَقٍّ قَدْ وَجَبَ وَلِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى وُجُوبِهَا عِنْدَ الْحَوْلِ وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى وُجُوبِهَا قَبْلَهُ، وَلَا تَجِبُ الْفَرَائِضُ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، فَبَطَلَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ أَثَرٍ وَنَظَرٍ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست