responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 99
فَإِذْ هُوَ مُحَارِبٌ فَوَاجِبٌ أَنْ يُجْزَى جَزَاءَ الْمُحَارِبِ، فَالنَّفْيُ عَلَيْهِ بَاقٍ مَا لَمْ يَتْرُكْ الْمُحَارَبَةَ بِالتَّوْبَةِ، فَإِذَا تَرَكَهَا سَقَطَ عَنْهُ جَزَاؤُهَا أَنْ يَتَمَادَى فِيهِ، إذْ قَدْ جُوزِيَ عَلَى مُحَارَبَتِهِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حُجَّةِ مَنْ قَالَ: يُنْفَى أَبَدًا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ أَنْ قَالَ: إنَّنَا إذَا سَجَنَّاهُ فِي بَلَدٍ، أَوْ أَقْرَرْنَاهُ فِيهِ - غَيْرَ مَسْجُونٍ - فَلَمْ نَنْفِهِ مِنْ الْأَرْضِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، بَلْ عَمِلْنَا بِهِ ضِدَّ النَّفْيِ، وَالْإِبْعَادِ، وَهُوَ الْإِقْرَارُ وَالْإِثْبَاتُ فِي الْأَرْضِ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْهَا - وَهَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ، فَوَجَبَ عَلَيْنَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنْ نَسْتَعْمِلَ إبْعَادَهُ وَنَفْيَهُ عَنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ أَبَدًا، حَسَبَ طَاقَتِنَا، أَوْ غَايَةُ ذَلِكَ أَلَّا نُقِرَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَا دُمْنَا قَادِرِينَ عَلَى نَفْيِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ - ثُمَّ هَكَذَا أَبَدًا، وَلَوْ قَدَرْنَا عَلَى أَنْ لَا نَدَعَهُ يَقَرُّ سَاعَةً فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَرْضِ لَفَعَلْنَا ذَلِكَ، وَلَكَانَ وَاجِبًا عَلَيْنَا فِعْلُهُ مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَى الْمُحَارَبَةِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ أَصَحَّ وَأَوْلَى بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ لِمَا ذَكَرَ الْمُحْتَجُّ لَهُ مِنْ أَنَّ السَّجْنَ إثْبَاتٌ، وَإِقْرَارٌ لَا نَفْيٌ
وَمَا عَرَفَ قَطُّ أَهْلُ اللُّغَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ وَخَاطَبَنَا بِهَا اللَّهُ تَعَالَى: أَنَّ السَّجْنَ يُسَمَّى: نَفْيًا، وَلَا أَنَّ النَّفْيَ يُسَمَّى: سَجْنًا، بَلْ هُمَا اسْمَانِ مُخْتَلِفَانِ، مُتَغَايِرَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: 15] الْآيَةَ
وَقَالَ تَعَالَى {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ - وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يوسف: 35 - 36] فَمَا قَالَ أَحَدٌ - لَا قَدِيمٌ وَلَا حَدِيثٌ - أَنَّ حُكْمَ الزَّوَانِي كَانَ النَّفْيَ، إذْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِحَبْسِهِنَّ فِي الْبُيُوتِ، وَلَا قَالَ قَطُّ أَحَدٌ: إنَّ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نُفِيَ إذْ حُبِسَ فِي السِّجْنِ - فَقَدْ بَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ، بِالسَّجْنِ جُمْلَةً
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ نَنْظُرَ فِي الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا إمَّا نَفْيُهُ إلَى مَكَان غَيْرِ مَكَانِهِ وَإِقْرَارُهُ هُنَالِكَ أَوْ نَفْيُهُ أَبَدًا، فَوَجَدْنَا مِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ: يُنْفَى مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَيُقَرُّ هُنَالِكَ [أَنْ قَالُوا: أَنْتُمْ تَقُولُونَ بِتَكْرَارِ فِعْلِ الْأَمْرِ بَلْ يُجْزِي عِنْدَكُمْ إيقَاعُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِذَا كَرَّرْتُمْ النَّفْيَ أَبَدًا فَقَدْ نَقَضْتُمْ أَصْلَكُمْ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست