responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 382
وَطَائِفَةٌ قَالَتْ: إنَّمَا فُرِضَتْ قِيَاسًا عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى السُّكْرِ، فَيَكُونُ فِيهِ الْقَذْفُ.
فَأَمَّا الْفِرْقَةُ الَّتِي قَالَتْ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَ حَدَّ الْخَمْرِ، فَمِنْ أَصْلِهِمْ أَنْ يُقَاسَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ يَقِيسُونَ مَسَّ الدُّبُرِ عَلَى مَسِّ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا عِنْدَهُمْ فَرْجٌ؟ وَلَا يَشُكُّ ذُو حِسٍّ سَلِيمٍ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْقِيَاسُ، فَإِنَّ قِيَاسَ شُرْبِ الدَّمِ، وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ، وَالْمَيْتَةِ، عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَصَحُّ مِنْ قِيَاسِ الدُّبُرِ عَلَى الذَّكَرِ؟ وَكُلُّهُمْ يَقِيسُونَ حُكْمَ مَاءِ الْوَرْدِ، وَالْعَسَلِ، تَمُوتُ فِيهِ الْفَأْرَةُ، أَوْ الْقَطَاةُ، فَلَا تُغَيِّرُ مِنْهُ لَوْنًا وَلَا طَعْمًا وَلَا رِيحًا، عَلَى السَّمْنِ تَمُوتُ فِيهِ الْفَأْرَةُ - وَقِيَاسُ الْخِنْزِيرِ، وَالدَّمِ، وَالْمَيْتَةِ، عَلَى الْخَمْرِ أَصَحُّ مِنْ كُلِّ قِيَاسٍ لَهُمْ، وَلَوْ صَحَّ يَوْمًا مَا.
وَأَمَّا الْقَطَاةُ فَلَيْسَتْ كَالْفَأْرَةِ؛ لِأَنَّ الْقَطَاةَ تُؤْكَلُ، وَالْفَأْرَةُ لَا تُؤْكَلُ، وَالْقَطَاةُ تُجْزِي فِي الْحِلِّ وَالْإِحْرَامِ، وَلَا يَحِلُّ قَتْلُهَا هُنَالِكَ - وَالْفَأْرَةُ لَا تُجْزِي، وَيَحِلُّ قَتْلُهَا هُنَالِكَ.
وَكَذَلِكَ مَاءُ الْوَرْدِ وَالْعَسَلِ، لَيْسَ كَالسَّمْنِ؛ لِأَنَّ الْعَسَلَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَالسَّمْنُ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَمَاءُ الْوَرْدِ لَا رِبَا فِيهِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَالسَّمْنُ فِيهِ الرِّبَا عِنْدَ جَمِيعِهِمْ - فَظَهَرَ تَرْكُهُمْ الْقِيَاسَ الَّذِي بِهِ يَحْتَجُّونَ، وَأَنَّهُمْ لَا يُحْسِنُونَهُ، وَلَا يَطْرُدُونَهُ.
وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الَّتِي تَقُولُ: إنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَرَضُوا حَدَّ الْخَمْرِ، وَالْقِيَاسُ أَيْضًا لَازِمٌ لَهُمْ، كَمَا لَزِمَ الطَّائِفَةَ الْمَذْكُورَةَ.
وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الَّتِي قَالَتْ: إنَّ حَدَّ الْخَمْرِ إنَّمَا فُرِضَ قِيَاسًا عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ، وَالْقِيَاسُ لِهَؤُلَاءِ أَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا جَازَ أَنْ يُفْرَضَ حَدُّ الْخَمْرِ قِيَاسًا عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ، فَكَذَلِكَ يُفْرَضُ حَدُّ أَكْلِ الْخِنْزِيرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَشُرْبِ الدَّمِ، قِيَاسًا عَلَى حَدِّ الْخَمْرِ - وَجُمْهُورُهُمْ يُجِيزُونَ الْقِيَاسَ عَلَى الْمَقِيسِ.
فَوَضَحَ مَا قُلْنَاهُ مِنْ فَسَادِ أَقْوَالِهِمْ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، فَوَجَدْنَاهُ قَدْ حَكَمَ لَهُ بِحُكْمِ الرِّدَّةِ عِنْدَهُ - وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ بِلَا بُرْهَانٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى مُسْلِمٍ بِالْكُفْرِ مِنْ أَجْلِ مَعْصِيَةٍ أَتَى بِهَا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ صَحِيحٌ، أَوْ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ، عَلَى أَنَّهُ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 382
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست