responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 373
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إنَّ الْوَاجِبَ ضَمُّ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَوَامِرِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلِّهَا بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، وَالِانْقِيَادُ إلَى جَمِيعِهَا، وَالْأَخْذُ بِهَا، وَأَنْ لَا يُقَالَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا: هَذَا مَنْسُوخٌ إلَّا بِيَقِينٍ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59] .
فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، أَوْ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَفَرْضٌ عَلَيْنَا الْأَخْذُ بِهِ، وَالطَّاعَةُ لَهُ، وَمَنْ ادَّعَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ نَسْخًا، فَقَوْلُهُ مُطَّرَحٌ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَنَا: لَا تُطِيعُوا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا مِنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَاجِبٌ عَلَيْنَا عِصْيَانُ مَنْ أَمَرَ بِذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ جَلِيٌّ بَيِّنٌ يَشْهَدُ بِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ مَنْسُوخٌ، أَوْ إجْمَاعٌ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ بِتَارِيخٍ ثَابِتٍ مُبَيِّنٍ أَنَّ أَحَدَهُمَا نَاسِخٌ لِلْآخَرِ.
وَأَمَّا نَحْنُ - فَإِنَّ قَوْلَنَا: هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَكَفَّلَ بِحِفْظِ دِينِهِ وَأَكْمَلَهُ، وَنَهَانَا عَنْ اتِّبَاعِ الظَّنِّ، فَلَا يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُرَدَّ نَصَّانِ يُمْكِنُ تَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ، وَضَمِّهِ إلَيْهِ، إلَّا وَهُوَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُمَا بِيَقِينٍ، وَأَنَّهُ لَا نَسْخَ فِي ذَلِكَ بِلَا شَكٍّ أَصْلًا - وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ نَسْخٌ لَبَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانًا جَلِيًّا، وَلَمَا تَرَكَهُ مُلْتَبِسًا مُشْكِلًا، حَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يُرَدَّ نَصَّانِ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَخْصُوصًا مِنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَعَانٍ مِنْهُ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِالْأَعَمِّ، وَيَكُونُ الْبَيَانُ قَدْ جَاءَ بِأَنَّ الْأَخَصَّ قَبْلَ الْأَعَمِّ بِلَا شَكٍّ - فَهَذَا إنْ وُجِدَ فَالْحُكْمُ فِيهِ النُّسَخُ وَلَا بُدَّ، حَتَّى يَجِيءَ نَصٌّ آخَرُ أَوْ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ عَلَى أَنَّهُ مَخْصُوصٌ مِنْ الْعَامِ الَّذِي جَاءَ بَعْدَهُ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] .
وَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وَالْبَيَانُ - بِلَا شَكٍّ - هُوَ مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ الْوَارِدِ، مَا لَمْ يَأْتِ نَصٌّ آخَرُ، أَوْ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ عَلَى نَقْلِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ، فَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فَالْوَاجِبُ الرَّدُّ إلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الرَّدَّ إلَيْهِ، إذْ يَقُولُ {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] الْآيَةَ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست