responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 34
فَإِنْ كَانَ قَدْ عَرَفَهَا فَاعْرِضْ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ أَبَى فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْهَا فَغَلِّظْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ وَدَعْهُ.
قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنِي قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ: أَنَّ قَوْمًا أَسْلَمُوا ثُمَّ لَمْ يَمْكُثُوا إلَّا قَلِيلًا حَتَّى ارْتَدُّوا؟ فَكَتَبَ فِيهِمْ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنْ رُدَّ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةَ وَدَعْهُمْ.
وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَهُوَ عَلَيْهِمْ أَعْظَمُ حُجَّةً، لِأَنَّ فِيهِ تَسْوِيَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ وَالْحَجِّ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ، وَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ - وَلَا أَحَدَ نَعْلَمُهُ - فِي أَنَّ الْحَجَّ لَا يُسْقِطُ حَدًّا أَصَابَهُ الْمَرْءُ قَبْلَ حَجِّهِ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهُ، وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ دُونَهُ، فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَتَحَكَّمُوا فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَيَحْمِلُوا قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ» عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ يُسْقِطُ الْحُدُودَ الَّتِي وَاقَعَهَا الْعَبْدُ قَبْلَ إسْلَامِهِ، وَيَجْعَلُ الْحَجَّ لَا يُسْقِطُهَا، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مَجِيئًا وَاحِدًا، وَأَنَّ هَذَا الْخَبَرَ ضِدُّ قَوْلِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ، فَقَالُوا هُمْ: إنَّ الرِّدَّةَ إلَى الْكُفْرِ تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا مِنْ الْحُدُودِ الْوَاجِبَةِ قِيَاسًا لِلْكُفْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ إلَى الشَّيْطَانِ، وَاللِّحَاقَ بِدَارِ الْكُفْرِ وَأَهْلِ الْحَرْبِ، تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا مِنْ الْحُدُودِ، قِيَاسًا عَلَى الْهِجْرَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّ الْحَجَّ لَا يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ؟ وَهَذَا عَيْنُ الْعِنَادِ وَالْخِلَافِ وَالْمُكَابَرَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ فِي ثَبَاتِ الْحُدُودِ أَوْ سُقُوطِهَا، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ فِي الْمَغْفِرَةِ.
وَإِذَا قُلْنَا: إنَّ مَغْفِرَةَ اللَّهِ تَعَالَى لِلذُّنُوبِ لَا تُسْقِطُ الْحُدُودَ الْوَاجِبَةَ فِي تِلْكَ الذُّنُوبِ إلَّا حَيْثُ صَحَّ النَّصُّ، وَالْإِجْمَاعُ بِإِسْقَاطِهَا فَقَطْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا فِي الْحَرْبِيِّ الْكَافِرِ يَبْتَدِئُ الْإِسْلَامَ فَقَطْ.
وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ الْإِسْلَامَ وَالْهِجْرَةَ الصَّادِقَةَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست