responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 309
أَوْ يَكُونُ فَعَلَ ذَلِكَ مُسْتَخْفِيًا عَنْ كُلِّ مَنْ حَضَرَ - فَهَذَا لَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَاضِرِينَ مِنْ خُصُومِنَا فِي أَنَّهُ سَارِقٌ، وَأَنَّ عَلَيْهِ الْقَطْعَ.
فَبَطَلَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ، وَعَرِيَ قَوْلُهُمْ فِي مُرَاعَاةِ الْحِرْزِ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ أَصْلًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ الشَّيْءَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْرَزًا فَهُوَ لُقَطَةٌ فَخَطَأٌ؛ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ إنَّمَا هِيَ مَا سَقَطَ عَنْ صَاحِبِهِ وَصَارَ بِدَارِ مَضْيَعَةٍ - وَكَذَلِكَ الضَّالَّةُ - وَأَمَّا مَا كَانَ غَيْرَ مُهْمَلٍ وَلَا سَاقِطٍ، فَقَدْ بَطَلَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لُقَطَةً، أَوْ ضَالَّةً، وَقَدْ جَاءَ فِي اللُّقَطَةِ وَالضَّالَّةِ نُصُوصٌ لَا يَحِلُّ تَعَدِّيهَا، فَلَا مَدْخَلَ لِلسَّارِقِ فِيهَا، فَنَحْنُ إنَّمَا نُكَلِّمُهُمْ فِي سَارِقٍ مِنْ حِرْزٍ، لَا فِي مُلْتَقَطٍ، وَلَا فِي آخِذِ ضَالَّةٍ - فَإِنَّ الْمُلْتَقِطَ مُخْتَلِسٌ فَسَقَطَ هَذَا الِاعْتِرَاضُ الْفَاسِدُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَوَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولَ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: 38] فَوَجَبَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّ كُلَّ مَنْ سَرَقَ فَالْقَطْعُ عَلَيْهِ، وَأَنَّ مَنْ اكْتَسَبَ سَرِقَةً فَقَدْ اسْتَحَقَّ بِنَصِّ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى جَزَاءً لِكَسْبِهِ ذَلِكَ قَطْعَ يَدِهِ نَكَالًا.
وَبِالضَّرُورَةِ الْحِسِّيَّةِ، وَبِاللُّغَةِ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ يَدْرِي اللُّغَةَ أَنَّ مَنْ سَرَقَ - مِنْ حِرْزٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ - فَإِنَّهُ " سَارِقٌ " وَأَنَّهُ قَدْ اكْتَسَبَ سَرِقَةً، لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، فَإِذْ هُوَ سَارِقٌ مُكْتَسِبٌ سَرِقَةً، فَقَطْعُ يَدِهِ وَاجِبٌ، بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُخَصَّ الْقُرْآنُ بِالظَّنِّ الْكَاذِبِ، وَلَا بِالدَّعْوَى الْعَارِيَّةِ مِنْ الْبُرْهَانِ.
فَإِنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَرَادَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ، فَإِنَّهُ مُخْبِرٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُخْبِرُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ نَبِيُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ قَالَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْكَذِبَ، وَقَالَ مَا لَا يَعْلَمْ، وَقَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ - وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا.
وَقَدْ أَوْرَدْنَا عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ سَرَقَ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَهَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ، وَأَمَّا مِنْ السُّنَنِ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست