responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 297
فَجَوَابُنَا، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: نَعَمْ، وَهُمَا مَأْمُورٌ بِهِمَا، قَدْ حَكَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِكِلَيْهِمَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَا مُسْتَثْنَيَيْنِ مِمَّا نَهَى عَنْهُ مِنْ اتِّخَاذِ الرُّوحِ غَرَضًا، فَأَمَّا الرَّجْمُ فَبِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْقَوَدُ فَبِالنَّصِّ الْجَلِيِّ فِي رَضْخِ رَأْسِ الْيَهُودِيِّ وَفِي الْعُرَنِيِّينَ كَمَا قُلْتُمْ أَنْتُمْ وَنَحْنُ فِي أَنَّ الْقِصَاصَ مِنْ قَطْعِ الْأَيْدِي، وَالْأَرْجُلِ، وَسَمْلِ الْأَعْيُنِ، وَجَدْعِ الْأَنْفِ، وَالْآذَانِ، وَقَطْعِ الشِّفَاهِ، وَالْأَلْسِنَةِ، وَقَلْعِ الْأَضْرَاسِ، حَقٌّ وَاجِبٌ إنْفَاذُهُ، مُسْتَثْنَيَيْنِ مِنْ الْمُثْلَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَلَا فَرْقَ
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ» وَ «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» وَأَنْتُمْ تَقْتُلُونَهُ أَوْحَشَ قِتْلَةٍ وَأَقْبَحَهَا: جُوعًا، وَعَطَشًا، وَحَرًّا، وَبَرْدًا؟ فَنَقُولُ: وَمَا قَتَلْنَاهُ أَصْلًا، بَلْ صَلَبْنَاهُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَا مَاتَ إلَّا حَتْفَ أَنْفِهِ، وَمَا يُسَمَّى هَذَا فِي اللُّغَةِ مَقْتُولًا
فَإِنْ قَالُوا: فَإِنَّكُمْ تَقُولُونَ فِيمَنْ سَجَنَ إنْسَانًا وَمَنَعَهُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ حَتَّى مَاتَ إنَّهُ يُسْجَنُ وَيُمْنَعُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ حَتَّى يَمُوتَ، فَهَذَا قَتْلٌ بِقَتْلٍ؟ فَنَقُول: إنَّ هَذَا لَيْسَ قَتْلًا، وَلَا قَوَدًا بِقَتْلٍ، بَلْ هُوَ ظُلْمٌ وَقَوَدٌ مِنْ الظُّلْمِ فَقَطْ.
وَبُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّ رَجُلًا لَوْ اتَّفَقَ لَهُ أَنْ يَقْفِلَ بَابًا بِغَيْرِ عُدْوَانٍ، فَإِذَا فِي دَاخِلِ الدَّارِ إنْسَانٌ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ، فَمَاتَ هُنَالِكَ جُوعًا وَعَطَشًا: أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَافِلِ الْبَابِ أَصْلًا، وَلَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَاتِلًا؟ فَإِنْ قِيلَ: إنَّكُمْ تَمْنَعُونَهُ الصَّلَاةَ وَالطَّهَارَةَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذْ أَمَرَ بِصَلْبِهِ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ سَتَمُرُّ عَلَيْهِ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ، فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِإِزَالَةِ التَّصْلِيبِ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] فَلَا يَسَعُ مُسْلِمًا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى {لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد: 41] و {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] .

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 297
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست