responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 253
كَتَبَ فِيهِمْ إلَى عُمَرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ: أَنَّهُمْ احْتَجُّوا عَلَى عُمَرَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: 93] فَشَاوَرَ فِيهِمْ النَّاسَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: مَاذَا تَرَى؟ فَقَالَ: أَرَى أَنَّهُمْ قَدْ شَرَعُوا فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ، فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهَا حَلَالٌ فَاقْتُلْهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَحَلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهَا حَرَامٌ فَاجْلِدْهُمْ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ، فَقَدْ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِحَدِّ مَا يَفْتَرِي بِهِ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُمْ يُعَظِّمُونَ - يَعْنِي الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ - قَوْلَ الصَّاحِبِ وَحُكْمِهِ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ وَأَهْوَاءَهُمْ، وَهُمْ هَاهُنَا قَدْ خَالَفُوا الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَلَا يَرَوْنَ عَلَى مَنْ فَضَّلَ عُمَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ حَدَّ الْفِرْيَةِ، وَلَا عَلَى مَنْ فَضَّلَ عَلِيًّا عَلَيْهِمَا حَدَّ الْفِرْيَةِ، وَلَا يَرَوْنَ عَلَى مَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى الْقُرْآنِ، حَدَّ الْفِرْيَةِ، لَكِنْ يَرَوْنَ الْقَتْلَ إنْ بَدَّلَ الدِّينَ، أَوْ لَا شَيْءَ إنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا. هَذَا، وَهُمْ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ فِي إثْبَاتِ ثَمَانِينَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ، نَعَمْ، وَفِي إثْبَاتِ الْقِيَاسِ؟ وَقَدْ خَالَفُوهُمَا فِي إيجَابِ حَدِّ الْفِرْيَةِ عَلَى مَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا. فَلَئِنْ كَانَ قَوْلُ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، حُجَّةً فِي إيجَابِ حَدِّ الْخَمْرِ، وَفِي الْقِيَاسِ، فَإِنَّهُ حُجَّةٌ فِي إيجَابِ حَدِّ الْفِرْيَةِ عَلَى مَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَذِبًا وَعَلَى الْقُرْآنِ.
وَلَئِنْ كَانَ قَوْلُهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي إيجَابِ حَدِّ الْفِرْيَةِ عَلَى مَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى الْقُرْآنِ، فَمَا قَوْلُهُمَا حُجَّةً فِي إيجَابِ الْقِيَاسِ، وَلَا فِي إيجَابِ ثَمَانِينَ فِي الْخَمْرِ وَلَا فَرْقَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَهَذَا يُلِيحُ لِمَنْ أَنْصَفَ نَفْسَهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ فِرْيَةٍ يَجِبُ فِيهَا الْحَدُّ، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا حَدَّ إلَّا فِي الْفِرْيَةِ بِالزِّنَا، لِصِحَّةِ النَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة عَفْوُ الْمَقْذُوفِ عَنْ الْقَاذِفِ]

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست