responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 187
يَحِلُّ دَرْءُ حَدٍّ بِشُبْهَةٍ وَلَا إقَامَتُهُ بِشُبْهَةٍ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا هُوَ الْحَقُّ وَالْيَقِينُ فَقَطْ، وَيَكْفِي مِنْ بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ قَالَ " ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ " أَنَّهُ قَوْلٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ - وَإِنَّمَا جَاءَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ بِتَحْرِيمِ دَمِ الْمُسْلِمِ وَبَشَرَتِهِ حَتَّى يَثْبُتَ عَلَيْهِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا ثَبَتَ لَمْ يَحِلَّ دَرْؤُهُ أَصْلًا، فَيَكُونُ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى.
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي تَنْظِيرِهِمْ ذَلِكَ بِالْأَمَةِ الْمَعْرُوفَةِ لِإِنْسَانٍ فَيُوجَدُ مَعَهَا رَجُلٌ فَيَقُولُ: قَدْ صَارَتْ إلَيَّ وَمَلَكْتهَا، وَيَقُولُ سَيِّدُهَا بِذَلِكَ، وَدَعْوَاهُمْ الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ: قَوْلٌ بِالظَّنِّ لَا يَصِحُّ، وَمَا عَهِدْنَا قَوْلَ مَالِكٍ الْمَشْهُورِ فِيمَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ حِرْزِهِ مَالًا مُسْتَتِرًا بِذَلِكَ، فَادَّعَى أَنَّ صَاحِبَ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهُ، وَأَقَرَّ صَاحِبُ الْمَالِ بِذَلِكَ: بِأَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ: بَلْ تُقْطَعُ يَدُهُ وَلَا بُدَّ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ: أَنَّ مَنْ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ يَطَؤُهَا وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِالْوَطْءِ، فَقَالَ هُوَ: إنَّهَا امْرَأَتِي، أَوْ قَالَ: أَمَتِي، فَصَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَا غَرِيبَيْنِ، أَوْ يُعْرَفَانِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَلَا يُعْرَضُ لَهُمَا وَلَا يُكْشَفَانِ عَنْ شَيْءٍ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ صَحَّ بِنَقْلِ الْكَوَافِّ: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُهَاجِرُونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْذَاذًا وَمُجْتَمِعِينَ، مِنْ أَقَاصِي الْيَمَنِ، وَمِنْ جَمِيعِ بِلَادِ الْعَرَبِ - بِأَهْلِيهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَإِمَائِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ - فَمَا حِيلَ بَيْنَ أَحَدٍ وَبَيْنَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ، وَلَا كُلِّفَ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً.
ثُمَّ عَلَى هَذَا إجْمَاعُ جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَجَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَى يَوْمِنَا هَذَا لَا يَزَالُ النَّاسُ يَرْحَلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَإِمَائِهِمْ وَرَقِيقِهِمْ، وَلَا يُكَلَّفُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ، بَلْ تُصَدَّقُ أَقْوَالُهُمْ فِي ذَلِكَ - مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ كُفَّارًا - فَإِذْ قَدْ صَحَّ النَّصُّ بِهَذَا وَالْإِجْمَاعُ فَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَةُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً فِي الْبَلَدِ، وَمَعْرُوفٌ أَنَّهُ لَا زَوْجَ لَهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ مَا يَقُولُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ أَصْلَ دِمَائِهِمَا وَأَبْشَارِهِمَا عَلَى التَّحْرِيمِ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَلَا يَجُوزُ إبَاحَةُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ - وَإِنْ كَانَ كِذْبُهُمَا فِي ذَلِكَ مُتَيَقَّنًا فَالْحَدُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا - وَإِنْ قَالَ: هِيَ أَمَتِي، وَصَدَّقَهُ صَاحِبُهَا الَّذِي عُرِفَ مِلْكُهَا لَهُ، وَأَقَرَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ وَهَبَهَا لَهُ، أَوْ كَانَ بَاعَهَا مِنْهُ: صُدِّقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَذَّبَهُ حُدَّ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ، فَلَوْ قَالَ:

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست