responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 182
وَكُلُّ مَا يَشْغَبُونَ بِهِ فِي إثْبَاتِ الْقُرْآنِ فَحَتَّى لَوْ صَحَّ لَهُمْ - وَهُوَ لَا يَصِحُّ لَهُمْ مِنْهُ شَيْءٌ أَصْلًا - لَمَا كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ إيجَابُ تَخْصِيصِ الْقُرْآنِ بِهِ، وَلَا إبَاحَةُ الْإِخْبَارِ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى، إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْرَفَ مَغِيبُ أَحَدٍ بِقِيَاسٍ.
قَالُوا: فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْعَبْدِ كَحُكْمِ الْحُرِّ فِي حَدِّ الزِّنَى.
ثُمَّ نَقُولُ لِأَصْحَابِ الْقِيَاسِ: قَدْ أَجْمَعْتُمْ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْعَبْدِ كَحَدِّ الْحُرِّ فِي الرِّدَّةِ، وَفِي الْمُحَارَبَةِ، وَفِي قَطْعِ السَّرِقَةِ، فَيَلْزَمُكُمْ - عَلَى أُصُولِكُمْ فِي الْقِيَاسِ - أَنْ تَرُدُّوا مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ حُكْمِهِ فِي الزِّنَى إلَى مَا اتَّفَقْتُمْ فِيهِ مِنْ حُكْمِهِ فِي الرِّدَّةِ، وَالْمُحَارَبَةِ، وَالسَّرِقَةِ: بِالْقَتْلِ رَجْمًا، وَالْقَتْلِ صَلْبًا أَوْ بِالسَّيْفِ: أَشْبَهَ بِالْقَتْلِ رَجْمًا بِالْجَلْدِ، قَالُوا: لَا، وَلَا سِيَّمَا الْمَالِكِيُّونَ الْمُشْغِبُونَ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَهَذَا إجْمَاعٌ - إلَّا عِكْرِمَةُ - قَدْ خَالَفُوهُ.
فَإِنْ قَالُوا: إنَّ رَاوِيَ هَذَا الْخَبَرِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ؟ قُلْنَا لَهُمْ: رُبَّ خَبَرٍ احْتَجَجْتُمْ فِيهِ لِأَنْفُسِكُمْ بِلَيْثٍ وَمَنْ هُوَ دُونَ لَيْثٍ، كَجَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ «لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا» وَلَيْثٌ أَقْوَى مِنْ جَابِرٍ بِلَا شَكٍّ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو ثَوْرٍ فَوَجَدْنَا مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] ؟ قُلْنَا: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمُخَالَفَةِ بَيْنَ حَدِّ الْأَمَةِ وَحَدِّ الْحُرَّةِ فِيمَا لَهُ نِصْفٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ فَقَطْ، وَأَمَّا الرَّجْمُ فَلَا نِصْفَ لَهُ أَصْلًا، فَلَمْ يَكُنْ لِلرَّجْمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دُخُولٌ أَصْلًا وَلَا ذِكْرٌ.
وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذِكْرٌ فِي قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2] الْآيَةَ.
وَوَجَدْنَا الرَّجْمَ قَدْ جَاءَتْ بِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ أُحْصِنَ.
وَكَذَلِكَ جَاءَ - عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ، مِنْ الصَّحَابَةِ: الرَّجْمُ عَلَى مَنْ أُحْصِنَ جُمْلَةً، وَلَمْ يَخُصَّ حُرًّا مِنْ عَبْدٍ، وَلَا حُرَّةً مِنْ أَمَةٍ.
فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّجْمُ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ مَنْ أُحْصِنَ مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، أَوْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ، بِالْعُمُومِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنَّ جَلْدَ الْأَمَةِ نِصْفُ جَلْدِ الْحُرَّةِ، وَنَفْيُهَا نِصْفُ أَمَدِ الْحُرَّةِ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست