responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 11  صفحه : 343
قَالُوا: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6] {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] .
قَالُوا: فَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ أَنْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ وَيَقُولَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّهُمْ شَرُّ الْخَلْقِ، أَوْ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ، فَالْخَلْقُ وَالْبَرِيَّةُ سَوَاءٌ، قَالُوا: فَإِذْ هُمْ بِشَهَادَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ، وَقَدْ مَرَقُوا مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ أَبَدًا، فَهُمْ بِيَقِينٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إنَّهُمْ {شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6] لَا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ شَهِدَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ أَنَّهُمْ مِنْ {خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] فَأَمْوَالُهُمْ مَغْنُومَةٌ مُخَمَّسَةٌ كَأَمْوَالِ الْكُفَّارِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ، وَاحْتِجَاجٌ صَادِقٌ، إلَّا أَنَّهُ مُجْمَلٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ، وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذَا هُوَ جَمْعُ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ، فَمَنْ خَرَجَ بِتَأْوِيلٍ هُوَ فِيهِ مُخْطِئٌ، لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَلَا قَصَدَ فِيهِ خِلَافَ الْقُرْآنِ وَحُكْمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَتَعَمَّدُ خِلَافَهُمَا، أَوْ يَعْنِدُ عَنْهُمَا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، أَوْ خَرَجَ طَالِبًا غَلَبَةً فِي دُنْيَا، وَلَمْ يَخَفْ طَرِيقًا، وَلَا سَفَكَ الدَّمَ جِزَافًا، وَلَا أَخَذَ الْمَالَ ظُلْمًا، فَهَذَا هُوَ الْبَاغِي الَّذِي يُصْلَحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ بَغَى عَلَيْهِ، عَلَى مَا فِي آيَةِ الْبُغَاةِ وَعَلَى مَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ خُرُوجِ الْمَارِقَةِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ أُمَّتِهِ، إحْدَاهُمَا بَاغِيَةٌ، وَهِيَ الَّتِي تَقْتُلُ عَمَّارًا، وَالْأُخْرَى أَوْلَى بِالْحَقِّ، وَحَمِدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا.
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا صَدَقَةُ نا ابْنُ عُيَيْنَةَ نا أَبُو مُوسَى عَنْ الْحَسَنِ سَمِعَ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالْحَسَنُ إلَى جَنْبِهِ يَنْظُرُ إلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَإِلَيْهِ مَرَّةً، وَيَقُولُ: ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» فَإِنْ زَادَ الْأَمْرُ حَتَّى يُخِيفُوا السَّبِيلَ، وَيَأْخُذُوا مَالَ الْمُسْلِمِينَ غَلَبَةً، بِلَا تَأْوِيلٍ، أَوْ يَسْفِكُوا دَمًا كَذَلِكَ، فَهَؤُلَاءِ مُحَارِبُونَ لَهُمْ حُكْمُ الْمُحَارَبَةِ، فَإِنْ زَادَ الْأَمْرُ حَتَّى يَخْرِقُوا الْإِجْمَاعَ فَهُمْ مُرْتَدُّونَ: تُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ كُلُّهَا حِينَئِذٍ وَتُخَمَّسُ وَتُقَسَّمُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 11  صفحه : 343
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست