responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 11  صفحه : 341
فَنَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، بِأَنْ يَسْتَعْمِلَ سِلَاحَهُمْ، وَكُرَاعَهُمْ مَا دَامَتْ الْحَرْبُ قَائِمَةً - فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ حُجَّةً أَصْلًا، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلَا سَقِيمَةٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا إجْمَاعٍ - وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ بِلَا شَكٍّ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» وَالسِّلَاحُ وَالْكُرَاعُ مَالٌ مِنْ مَالِهِمْ فَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى غَيْرِهِمْ، لَكِنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ كُلِّ مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى بَاطِلِهِمْ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] .
فَصَحَّ بِهَذَا يَقِينًا أَنَّ تَخْلِيَتَهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ السِّلَاحَ فِي دِمَاءِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالْكُرَاعَ فِي قِتَالِهِمْ تَعَاوُنٌ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ فَهُوَ مُحَرَّمٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.
وَصَحَّ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ فِي حَالِ الْبَغْيِ: تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهُ فَلَا يَحِلُّ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ، وَمِنْ اُضْطُرَّ إلَى الدِّفَاعِ عَنْ نَفْسِهِ بِحَقٍّ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ الظُّلْمَ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنْ غَيْرِهِ، بِمَا أَمْكَنَهُ مِنْ سِلَاحِ نَفْسِهِ أَوْ سِلَاحِ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ مُلْقٍ بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ، وَهَذَا حَرَامٌ عَلَيْهِ - فَسَقَطَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ شُبْهَةً إلَّا خَبَرًا رَوَاهُ فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ عَلِيًّا قَسَّمَ يَوْمَ الْجَمَلِ فِيهِمْ بَيْنَ أَصْحَابِهِ مَا قُوتِلَ بِهِ مِنْ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ - وَهَذَا خَبَرٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّ فِطْرًا ضَعِيفٌ.
وَذَكَرُوا أَيْضًا مَا كَتَبَ بِهِ إلَى يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمَرِيِّ قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ نا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ رِفَاعَةَ الْخَوْلَانِيِّ نا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَأَصْحَابِ عَلِيٍّ " عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَصْحَابِ الْجَمَلِ بِالْبَصْرَةِ يَوْمَ الْجَمَلِ جَعَلَ لَهُمْ مَا فِي عَسْكَرِ الْقَوْمِ مِنْ السِّلَاحِ، فَقَالُوا: كَيْفَ تَحِلُّ لَنَا دِمَاؤُهُمْ وَلَا تَحِلُّ لَنَا أَمْوَالُهُمْ وَلَا نِسَاؤُهُمْ؟ قَالَ: هَاتُوا سِهَامَكُمْ فَأَقْرِعُوا عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالُوا: نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، فَخَصَمَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَرَّفَهُمْ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَحِلَّ لَمْ يَحِلَّ بَنُوهَا " وَهَذَا أَيْضًا أَثَرُهُ ضَعِيفٌ، وَمَدَارُهُ عَلَى نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ وَهُوَ الَّذِي رَوَى بِإِسْنَادٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 11  صفحه : 341
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست