responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 11  صفحه : 139
يَجُوزَ لِلْمَقْتُولِ حُكْمٌ فِي إبْطَالِ السُّلْطَانِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِوَلِيِّهِ، وَمِنْ الْبَاطِلِ الْبَحْتِ إنْفَاذُ حُكْمِ الْمَقْتُولِ فِي خِلَافِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَهَذَا هُوَ الْحَيْفُ وَالْإِثْمُ مِنْ الْوَصِيَّةِ.
وَكَذَلِكَ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَهْلِ الْمَقْتُولِ الْخِيَارَ فِي الْقَوَدِ، أَوْ الدِّيَةِ، أَوْ الْمُفَادَاةِ، فَنَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمَقْتُولِ أَنْ يُبْطِلَ خِيَارًا جَعَلَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَهْلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ إنْفَاذُ حُكْمِ الْمَقْتُولِ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ هَذَا خَطَأٌ مُتَيَقَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
فَكَانَ بِيَقِينٍ عَفْوُ الْمَقْتُولِ عَنْ دِيَةٍ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَهْلِهِ بَعْدَهُ لَا لَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] ، فَكَانَ عَفْوُ الْمَقْتُولِ عَنْ دِيَةٍ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى تَسْلِيمَهَا إلَى أَهْلِهِ، وَعَنْ دَمٍ، أَوْ مَالٍ، خَيَّرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمَا أَهْلَهُ بَعْدَهُ: كَسْبًا عَلَى أَهْلِهِ - وَهَذَا بَاطِلٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.
وَكَذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» وَالدِّيَةُ إنَّمَا هِيَ، بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَكَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَهْلِ الْمَقْتُولِ، فَحَرَامٌ عَلَى الْمَقْتُولِ التَّصَرُّفُ فِي، شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا مَالُ أَهْلِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ نَصٌّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا مِنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ لِلْمَقْتُولِ سُلْطَانًا فِي الْقَوَدِ فِي نَفْسِهِ، وَلَا أَنَّ لَهُ خِيَارًا فِي دِيَةٍ، أَوْ قَوَدٍ، وَلَا أَنَّ لَهُ دِيَةً وَاجِبَةً.
فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَقٌّ، أَوْ رَأْيٌ، أَوْ نَظَرٌ، أَوْ أَمْرٌ.
فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِلَا شَكٍّ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] إنَّمَا هُوَ فِيمَا جُنِيَ عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَفِيمَا عَفَا عَنْهُ مَنْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْعَفْوَ إلَيْهِ - وَهُمْ الْأَهْلُ - بَعْدَ مَوْتِ الْمَقْتُولِ وَهَكَذَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ لَوْ صَحَّ.
وَبُرْهَانٌ آخَرُ - أَنَّ الدِّيَةَ عِوَضٌ مِنْ الْقَوَدِ بِلَا شَكٍّ فِي الْعَمْدِ وَعِوَضٌ مِنْ النَّفْسِ فِي الْخَطَأِ بِيَقِينٍ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّ الْمَقْتُولَ مَا دَامَ حَيًّا فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي الْقَوَدِ، فَإِذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَلَا عَفْوَ لَهُ، وَلَا أَمْرَ فِيمَا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 11  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست