responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 10  صفحه : 60
قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُوجِبٍ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْءٌ فِي أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ، وَلَا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ، وَأَنْتُمْ أَوَّلُ مُبْطِلٍ لِهَذِهِ الْحُجَّةِ، لِأَنَّكُمْ تُجِيزُونَ كَوْنَ قُرْءَيْنِ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ، وَتُجِيزُونَ أَنْ يَكُونَ قُرْءٌ وَاحِدٌ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ - فَبَطَلَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ.
فَإِنْ قَالُوا: لَا تَظْهَرُ الْبَرَاءَةُ مِنْ الرَّحِمِ فِي نِصْفِ شَهْرٍ فَأَقَلَّ؟ قُلْنَا: وَلَا فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَكُلُّكُمْ يَجْعَلُ الْعِدَّةَ تَتِمُّ بِالْأَقْرَاءِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ -.
وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ قَالَ: الْحَيْضُ مَتَى ظَهَرَ -: تَرَكَتْ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ، وَحَرُمَ وَطْؤُهَا عَلَى زَوْجِهَا - فَمَتَى رَأَتْ الطُّهْرَ مِنْهُ صَلَّتْ، وَصَامَتْ وَحَلَّتْ لِزَوْجِهَا، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ طُهْرًا تَعْتَدُّ بِهِ فِي الْعِدَّةِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، إذْ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَطُهْرًا يُحِيلُ حُكْمَ الصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ؛ وَإِبَاحَةَ الْوَطْءِ وَتَحْرِيمَهُ، وَلَا يَكُونُ حَيْضًا وَطُهْرًا يُعَدُّ قُرْءًا فِي الْعِدَّةِ - هَذَا قَوْلٌ لَا خَفَاءَ بِفَسَادِهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ، وَلِقَوْلِ كُلِّ مَنْ سَلَفَ.
وَمَا نَعْلَمُ لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، أَنَّهُمَا تَعَلَّقَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَيَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى قَالَ: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَلَمْ يَحُدَّ فِي ذَلِكَ بِعَدَدِ أَيَّامٍ لَا تُتَجَاوَزُ: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] .
وَأَمَرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ - أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ، فَإِذَا أَدْبَرَتْ صَلَّتْ، وَصَامَتْ، وَحَلَّتْ لِبَعْلِهَا.
وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «دَمُ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا أَقْبَلَ فَدَعِي الصَّلَاةَ» وَلَمْ يَحُدَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَدًّا، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ التَّحْدِيدُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ إنْ أَنْكَرَ زَوْجُهَا ذَلِكَ لَمْ تُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةِ عَدْلٍ كَمَا ذَكَرْنَا.
وَكَذَلِكَ إنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ تَمَّتْ وَقَالَتْ: هِيَ لَمْ تَتِمَّ - فَالزَّوْجُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَهِيَ مُصَدَّقَةٌ مَعَ يَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا مُدَّعًى عَلَيْهَا، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 10  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست