responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 10  صفحه : 254
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا وَجْهُ إعْطَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَثْعَمًا نِصْفَ الدِّيَةِ؟ قُلْنَا: فَعَلَ ذَلِكَ تَفَضُّلًا، وَصِلَةً وَاسْتِئْلَافًا عَلَى الْإِسْلَامِ فَقَطْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَهُمْ دِيَةٌ لَمَا مَنَعَهُمْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْهَا وَبَرَةً فَمَا فَوْقَهَا.
فَلَمَّا بَطَلَ احْتِجَاجُ الْحَنَفِيِّينَ لِقَوْلِهِمْ الْخَبِيثِ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ فِي إسْقَاطِ الْقَوَدِ، وَالدِّيَةِ عَمَّنْ تَعَمَّدَ قَتْلَ مُسْلِمٍ يَدْرِي أَنَّهُ مُسْلِمٌ - وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ - وَفِي إسْقَاطِهِمْ الْقَوَدَ فَقَطْ عَنْ الْمُتَعَمِّدِ قَتْلَ الْمُسْلِمِ فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، إذْ قَدْ صَحَّ أَنَّهَا كُلُّهَا قَتْلُ خَطَأٍ لَا قَتْلُ عَمْدٍ - فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ بِيَقِينٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ بَرِئَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ سَكَنَ بَيْنَ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ؟ قُلْنَا: لَوْ كَانَ هَذَا مُبِيحًا لِتَعَمُّدِ قَتْلِهِ لَبَطَلَ قَوْلُكُمْ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَنَّهُ جَانٍ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ قَتَلَهُ مَنْ لَا يَدْرِي أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَلَا قَوَدَ، وَلَا دِيَةَ، إنَّمَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ؛ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.
ثُمَّ زَادُوا ضَلَالًا فَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِخَبَرٍ سَاقِطٍ مَوْضُوعٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي السَّفَرِ» فَكَانَ هَذَا عَجَبًا؛ لِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِهَذَا الْخَبَرِ، فَيَقْطَعُونَ الْأَيْدِيَ فِي السَّفَرِ، فَلَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ تَخْصِيصُ دَارِ الْحَرْبِ بِذَلِكَ؟ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَهُمْ ذَلِكَ لَكَانَ إسْقَاطُهُمْ الْقَوَدَ، وَالدِّيَةَ، أَوْ الْقَوَدَ فَقَطْ عَلَى تَرْكِ قَطْعِ الْأَيْدِي هَوَسًا ظَاهِرًا - وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ رَسُولَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ أَنْ يُرِيدَ النَّهْيَ عَنْ الْقَوَدِ، وَالدِّيَةِ فِي قَتْلِ نَفْسِ الْمُسْلِمِ عَمْدًا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَيَدَعَ ذِكْرَ ذَلِكَ وَيَقْتَصِرَ عَلَى النَّهْيِ عَنْ قَطْعِ الْأَيْدِي فِي السَّفَرِ - هَذَا لَا يُضِيفُهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا كَذَّابٌ مَلْعُونٌ مُتَعَمِّدُ الْكَذِبِ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَأَمَّا قَوْلُنَا يُقْتَلُ قَاتِلُ الْعَمْدِ بِأَيِّ شَيْءٍ قَتَلَ بِهِ فَإِنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي كُلِّ ذَلِكَ -: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ كَمَا قُلْنَا -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا حَفْصٌ - هُوَ ابْنُ غِيَاثٍ - عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: الْعَمْدُ كُلُّهُ قَوَدٌ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 10  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست