responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 10  صفحه : 247
وَأَمَّا خَبَرُ أَنَسٍ فَسَاقِطٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبَ - وَهُوَ مَجْهُولٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا كَمَا قُلْنَا فِي خَبَرِ وَائِلٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَخْيِيرَ الْوَلِيِّ بَيْنَ أَخْذِ الدِّيَةِ أَوْ الْقَوَدِ أَوْ الْعَفْوِ، فَكَيْفَ وَهُمَا خَبَرَانِ مَوْضُوعَانِ بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولُوهُ مِنْ إيجَابِ النَّارِ عَلَى مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إيَّاهُ فَقَتَلَ مَنْ نَهَاهُ عَنْ قَتْلِهِ - فَهَذَا تَنَاقُضٌ قَدْ نَزَّهَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَوْ كَانَتْ الدِّيَةُ وَاجِبَةً بِالْعَفْوِ - وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ - لَمَا كَرَّرَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَفْوًا مُطْلَقًا عَامًّا لَا عَفْوًا خَاصًّا عَنْ الدَّمِ فَقَطْ - وَكَذَلِكَ نَقُولُ: إنْ عَفَا عَنْ الدَّمِ وَحْدَهُ خَاصَّةً، فَالدِّيَةُ بَاقِيَةٌ لَهُ، وَإِنْ عَفَا عَفْوًا عَامًّا عَنْ الدَّمِ وَالدِّيَةِ فَذَلِكَ لَهُ.
وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ فَمُرْسَلٌ وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ، ثُمَّ هُوَ أَعْظَمُ حُجَّةً عَلَى الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ لِخِلَافِهِمْ لِمَا فِيهِ.
أَمَّا الْحَنَفِيُّونَ فَالدِّيَةُ عِنْدَهُمْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بِخِلَافِ مَا فِيهِ، لَكِنْ أَرْبَاعًا جِذَاعٌ، وَحِقَاقٌ، وَبَنَاتُ لَبُونٍ، وَبَنَاتُ مَخَاضٍ، وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَلَا يَرَوْنَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ شَيْئًا أَصْلًا.
فَمَنْ أَعْجَبُ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِمَا هُوَ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ، وَيُصَحِّحُهُ عَلَى مَنْ لَا يُصَحِّحُهُ - ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ إلَّا كَمَا فِي الْعَمْدِ مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ إذَا اصْطَلَحُوا، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهَذَا وَلَا نُخَالِفُهُ.
وَأَمَّا ذِكْرُهُمْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] .
وَقَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» فَصَحِيحٌ كُلُّ ذَلِكَ - وَهُوَ قَوْلُنَا.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] .

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 10  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست