responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 80
فِي إبْطَالِ الْقِيَاسِ، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا، لَكِنْ أَرَيْنَاكُمْ أَنَّ أَصْلَكُمْ الَّذِي أَثْبَتُّمُوهُ مِنْ تَصْحِيحِ الْقِيَاسِ يَشْهَدُ بِفَسَادِ جَمِيعِ قِيَاسَاتِكُمْ. وَلَا قَوْلَ أَظْهَرُ بَاطِلًا مِنْ قَوْلٍ أَكْذَبَ نَفْسَهُ. وَقَدْ نَصَّ تَعَالَى عَلَى هَذَا. فَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} [المائدة: 18] فَلَيْسَ هَذَا تَصْحِيحًا لِقَوْلِهِمْ إنَّهُمْ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ. وَلَكِنْ إلْزَامٌ لَهُمْ مَا يَفْسُدُ بِهِ قَوْلُهُمْ وَلَسْنَا فِي ذَلِكَ كَمَنْ ذَكَرْتُمْ مِمَّنْ يَحْتَجُّ فِي إبْطَالِ حُجَّةِ الْعَقْلِ بِحُجَّةِ الْعَقْلِ. لَكِنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ مُصَحِّحٌ لِقَضِيَّتِهِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا فَظَهَرَ تَنَاقُضُهُ مِنْ قَرِيبٍ. وَلَا حُجَّةَ لَهُ غَيْرُهَا فَقَدْ ظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِهِ. وَأَمَّا نَحْنُ فَلَمْ نَحْتَجَّ قَطُّ فِي إبْطَالِ الْقِيَاسِ بِقِيَاسٍ نُصَحِّحُهُ. لَكِنْ نُبْطِلُ الْقِيَاسَ بِالنُّصُوصِ وَبِبَرَاهِينِ الْعَقْلِ. ثُمَّ نَزِيدُ بَيَانًا فِي فَسَادِهِ مِنْهُ نَفْسِهِ بِأَنْ نُرِيَ تَنَاقُضَهُ جُمْلَةً فَقَطْ وَالْقِيَاسَ الَّذِي نُعَارِضُ بِهِ قِيَاسَكُمْ. نَحْنُ نُقِرُّ بِفَسَادِهِ وَفَسَادِ قِيَاسِكُمْ الَّذِي هُوَ مِثْلُهُ أَوْ أَضْعَفُ مِنْهُ. كَمَا نَحْتَجُّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ مَقَالَةٍ مِنْ مُعْتَزِلَةٍ وَرَافِضَةٍ وَمُرْجِئَةٍ وَخَوَارِج وَيَهُودٍ وَنَصَارَى وَدَهْرِيَّةٍ مِنْ أَقْوَالِهِمْ الَّتِي يَشْهَدُونَ بِصِحَّتِهَا. فَنُرِيهِمْ تَفَاسُدَهَا وَتَنَاقُضَهَا. وَأَنْتُمْ تَحْتَجُّونَ عَلَيْهِمْ مَعَنَا بِذَلِكَ. وَلَسْنَا نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ مِمَّنْ يُقِرُّ بِتِلْكَ الْأَقْوَالِ الَّتِي نَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِهَا، بَلْ هِيَ عِنْدَنَا فِي غَايَةِ الْبُطْلَانِ وَالْفَسَاد. وَكَاحْتِجَاجِنَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ كُتُبِهِمْ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ. وَنَحْنُ لَا نُصَحِّحُهَا. بَلْ نَقُولُ إنَّهَا لَمُحَرَّفَةٌ مُبَدَّلَةٌ. لَكِنْ لِنُرِيَهُمْ تَنَاقُضَ أُصُولِهِمْ وَفُرُوعِهِمْ. لَا سِيَّمَا وَجَمِيعُ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ مُخْتَلِفُونَ فِي قِيَاسَاتِهِمْ. لَا تَكَادُ تُوجَدُ مَسْأَلَةٌ إلَّا وَكُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَأْتِي بِقِيَاسٍ تَدَّعِي صِحَّتَهُ تُعَارِضُ بِهِ قِيَاسَ الْأُخْرَى. وَهُمْ كُلُّهُمْ مُقِرُّونَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ قِيَاسٍ صَحِيحًا وَلَا كُلُّ رَأْيٍ حَقًّا. فَقُلْنَا لَهُمْ: فَهَاتُوا حَدَّ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ وَالرَّأْيَ الصَّحِيحَ الَّذِي يَتَمَيَّزَانِ بِهِ مِنْ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ وَالرَّأْيِ الْفَاسِدِ. وَهَاتُوا حَدَّ الْعِلَّةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا تَقِيسُونَ إلَّا عَلَيْهَا مِنْ الْعِلَّةِ الْفَاسِدَةِ فَلَجْلَجُوا. قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا مَكَانٌ إنْ زُمَّ عَلَيْهِمْ فِيهِ ظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ جُمْلَةً. وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ إلَى جَوَابٍ يُفْهَمُ سَبِيلٌ أَبَدًا. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَإِنْ أَتَوْا فِي ذَلِكَ بِنَصٍّ قُلْنَا النَّصُّ حَقٌّ وَاَلَّذِي تُرِيدُونَ أَنْتُمْ إضَافَتَهُ إلَى النَّصِّ بِآرَائِكُمْ بَاطِلٌ وَفِي هَذَا خُولِفْتُمْ. وَهَكَذَا أَبَدًا. فَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعُوا عَلَى الْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ قِيلَ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى إبْطَالِهِ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست