responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 357
وَهَذَا كَلَامٌ يَنْقُضُ أَوَّلُهُ آخِرَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ لِلصَّلَاةِ لَا تَكُونُ إلَّا بِطَهَارَةٍ، فَهُوَ إذَنْ طَهَارَةٌ لَا طَهَارَةٌ.
وَالرَّابِعُ أَنَّهُ هَبْكَ أَنَّهُ كَمَا قَالُوا اسْتِبَاحَةً لِلصَّلَاةِ، فَمِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنْ لَا يَسْتَبِيحُوا بِهَذِهِ الِاسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ كَمَا اسْتَبَاحُوا بِهِ الصَّلَاةَ الْأُولَى؟ وَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ اسْتِبَاحَةً لِلصَّلَاةِ الْأُولَى دُونَ أَنْ يَكُونَ اسْتِبَاحَةً لِلثَّانِيَةِ؟ وَقَالُوا: إنَّ طَلَبَ الْمَاءِ يَنْقُضُ طَهَارَةَ الْمُتَيَمِّمِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ الْمَاءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ. قُلْنَا لَهُمْ: هَذَا بَاطِلٌ، أَوَّلُ ذَلِكَ إنَّ قَوْلَكُمْ، إنَّ طَلَبَ الْمَاءِ يَنْقُضُ طَهَارَةَ الْمُتَيَمِّمِ دَعْوَى كَاذِبَةٌ بِلَا بُرْهَانٍ، وَثَانِيهِ أَنَّ قَوْلَكُمْ: أَنَّ عَلَيْهِ طَلَبُ الْمَاءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَاطِلٌ وَأَيَّ مَاءٍ يَطْلُبُ؟ وَهُوَ قَدْ طَلَبَهُ وَأَيْقَنَ أَنَّهُ لَا يَجِدُهُ؟ ثُمَّ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، فَأَيَّ مَاءٍ يَطْلُبُهُ الْمَرِيضُ الْوَاجِدُ الْمَاءَ؟ فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ جُمْلَةً، لَا سِيَّمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي بَقَاءِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ لِلنَّوَافِلِ وَانْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ النَّافِلَةِ لِلْفَرِيضَةِ، وَبَعْدَ الْفَرِيضَةِ لِلْفَرِيضَةِ، وَطَلَبُ الْمَاءِ عَلَى قَوْلِهِمْ يَلْزَمُ لِلنَّافِلَةِ وَلَا بُدَّ، كَمَا يَلْزَمُ لِلْفَرِيضَةِ، إذْ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ لِلنَّافِلَةِ كَمَا تَجِبُ لِلْفَرِيضَةِ وَلَا فَرْقَ، بِلَا خِلَافٍ بِهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَحْكَامُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، لَا سِيَّمَا وَشَيْخُهُمْ الَّذِي قَلَّدُوهُ - مَالِكٌ - يَقُولُ فِي الْمُوَطَّأِ: لَيْسَ الْمُتَوَضِّئُ بِأَطْهَرَ مِنْ الْمُتَيَمِّمِ، وَمَنْ تَيَمَّمَ فَقَدْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَظَاهِرُ الْخَطَأِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ أَوْجَبَ تَجْدِيدَ التَّيَمُّمِ لِلْفَرِيضَةِ وَلَمْ يُوجِبْهُ لِلنَّافِلَةِ، وَهَذَا خَطَأٌ بِكُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فَظَاهِرُ الْخَطَأِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ جَعَلَ الطَّهَارَةَ بِالتَّيَمُّمِ تَصِحُّ بِبَقَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَتُنْتَقَضُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَمَا عَلِمْنَا فِي الْأَحْدَاثِ خُرُوجَ وَقْتٍ أَصْلًا، لَا فِي قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَإِنَّمَا جَاءَ الْأَمْرُ بِالْغُسْلِ فِي كُلِّ صَلَاةِ فَرْضٍ أَوْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَاطِلًا، لِأَنَّ قِيَاسَ الْمُتَيَمِّمِ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ لَمْ يُوجِبْهُ شَبَهٌ بَيْنَهُمَا وَلَا عِلَّةٌ جَامِعَةٌ، فَهُوَ بَاطِلٌ بِكُلِّ حَالٍ، فَحَصَلَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ دَعْوَى كُلَّهَا بِلَا بُرْهَانٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَإِنْ قَالُوا إنَّ قَوْلَنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست