responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 265
نَدْبًا، وَهَذَا لَا يَصِحُّ، بَلْ الصَّحِيحُ خِلَافُهُ بِنَصِّ الْخَبَرِ، فَقَدْ أَوْرَدْنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ الْقَطْعَ بِإِيجَابِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ بِدَهْرٍ فَصَحَّ وُجُودُ خِلَافِ مَا يَدَّعُونَهُ بِالدَّعْوَى الْكَاذِبَةِ إجْمَاعًا، وَإِذَا وُجِدَ التَّنَازُعُ فَلَيْسَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضٍ بَلْ الْوَاجِبُ حِينَئِذٍ الرَّدُّ إلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُنَّتُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ جَاءَتْ بِإِيجَابِ الْغُسْلِ وَالسِّوَاكِ وَالطِّيبِ، إلَّا أَنْ يَدَّعُوا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَعْدًا وَأَبَا سَعِيدٍ وَابْنَ مَسْعُودٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ خَالَفُوا الْإِجْمَاعَ، فَحَسْبُهُمْ بِهَذَا ضَلَالًا. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَهُمْ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَالَا بِأَنَّ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ نَدْبٌ - وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَصِحَّ هَذَا عَنْهُمَا - فَمِنْ أَيْنَ لَهُمْ تَعْظِيمُ خِلَافِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي هَذَا الْبَاطِلِ الْمُتَكَهَّنِ؟ وَلَمْ يُعَظِّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ خِلَافَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي هَذَا الْخَبَرِ نَفْسِهِ، فِي تَرْكِ عُمَرَ الْخُطْبَةَ، وَأَخْذِهِ فِي الْكَلَامِ مَعَ عُثْمَانَ، وَمُجَاوَبَةِ عُثْمَانَ لَهُ بَعْدَ شُرُوعِ عُمَرَ فِي الْخُطْبَةِ، وَهُمْ لَا يُجِيزُونَ هَذَا.
وَكَذَلِكَ الْخَبَرُ الثَّابِتُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ قَرَأَ السَّجْدَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ قَرَأَهَا فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَتَهَيَّئُوا لِلسُّجُودِ، فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ: عَلَى رِسْلِكُمْ، إنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إلَّا أَنْ نَشَاءَ. فَقَالَ الْمَالِكِيُّونَ: لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا، وَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ: السُّجُودُ وَاجِبٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَفَيَكُونُ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا أَوْ أَدْخَلُ فِي الْبَاطِلِ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ عُمَرَ مَعَ عُثْمَانَ فِي الْخُطْبَةِ بِمَا لَا يَجِدُونَهُ فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ فَرْضِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ حُجَّةً عِنْدَهُمْ، ثُمَّ لَا يُبَالُونَ مُخَالَفَةَ عُمَرَ فِي عَمَلِهِ وَقَوْلِهِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ السُّجُودَ لَيْسَ مَكْتُوبًا عَلَيْنَا عِنْدَ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ، وَفِي نُزُولِهِ عَنْ الْمِنْبَرِ لِلسُّجُودِ إذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ؟ أَفَيَكُونُ فِي الْعَجَبِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا؟ وَإِنْ هَذَا إلَّا تَلَاعُبٌ أَقْرَبُ إلَى الْجَدِّ. وَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عُمَرَ وَعُثْمَانَ تَقْلِيدًا لِآرَاءِ مَنْ لَا يُضْمَنُ لَهُ الصَّوَابُ فِي كُلِّ أَقْوَالِهِ، كَقَوْلِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ: أَنْ لَا غُسْلَ مِنْ الْإِيلَاجِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ إمْنَاءٌ، وَكَقَوْلِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ أَجْنَبَ وَلَمْ يَجِدْ الْمَاءَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَلَا الصَّلَاةُ، وَلَوْ بَقِيَ كَذَلِكَ شَهْرًا، وَكَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بِالْقَضَاءِ بِأَوْلَادِ الْغَارَّةِ رَقِيقًا لِسَيِّدِهَا، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست