نام کتاب : الفقه على المذاهب الأربعة نویسنده : عبد الرحمن الجزيري جلد : 5 صفحه : 299
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حزم، لأنه من الحواس النافعة، فتكمل فيه الدية كالسمع، وفي إزالة شم منخر واحد نصف الدية، ولو نقص الشم وجب بقسطه من الدية، إذا أمكن معرفته، وإن لم يمكن فالحكومة.
ولو أنكر الجاني زوال الشم من المجني عليه، امتحن في غفلاته بالروائح الحادة، فإن هش للطيب، وعبس لغيره حلف الجاني لظهور كذب المجني عليه، ولا يستحق ضماناً، وإن لم يهش للطيب، ولم يتأذ من الكريه، حلف المجني عليه لظهور صدقه مع أنه لا يعرف إلا منه، وفي إبطال حاسة الذوق، الذي هو وقوة في اللسان يدرك بها الطعم، تجب دية كاملة، لأنه أحد الحواس الخمس، فأسبه الشم، واختلف في محله هل هو في طرف الحلقوم، أو في اللسان؟ ذهب أكثر أهل العلم إلى القول الثاني، وقالوا: إنه المشهور وعليه الحكماء، لكنهم يقولون: هو قوة منبثة في العصب المفروش على جرم اللسان يدرك بها الطعوم بمخالطة اللعابية التي في الفم بالمطعوم ووصولها للعصب، وقال أهل السنة: إن الإدراك المذكور بمشيئة الله تعالى - يعني أن الله تعالى يخلق ما ذكر عند المخالطة المذكورة، وعلى هذا القول فينبغي أن يكون كالنطف مع اللسان، فتجب فيه دية واحدة للسان، لأن الذوق يدرك به حلاوة، وحموضة، ومرارة، وملوحة، وعذوبة، وتوزع الدية على هذه الأنواع الخمسة، فإذا أبطل إدراك واحدة منهن وجب فيها خمس الدية، وهكذا.
وإن نقص الإدراك نقصاً لا تقدر، بأن يحس بمذاق الأنواع الخمس لكن لا يدركها على كمالها فتجب في ذلك النقص حكومة عدل. وتختلف بقوة النقصان وضعفه، وإن عرف قدره فقسطه من الدية.
ولو اختلف الجاني والمجني عليه في ذهاب الذوق امتحن بالأشياء المرة ونحوها كالحامض الحاد. الذي لا يصبر عليه عادة. فإن ادعى النقص صدق بيمينه، وإن تألم وعبس صدق الجاني بيمينه.
قالوا: وتجب الدية في إبطال المضغ كأن يجني على أسنانه فتخدر، وتبطل صلاحيتها، للمضغ، وتفسد اللثة، لأنه المنفعة العظمى للأسنان وفيها الدية، فكذا منفعتها كالبصر مع العين، والبطش مع اليد.
وتجب الدية فإبطال قوة الإمناء بكسر صلب، لقوات المقصود، وهو النسل، بخلاف انقطاع اللبن بالجناية على الثدي، فإن فيه حكومة، لأن الرضاع يطرأ ويزول، وقيل فيه الدية كاملة، واستعداد الطبيعة للإمناء صفة لازمة للفحول، ولأن إبطال قوة الامناء موت للرجل أدبياً ومعنوياً. فتجب الدية.
وتجب الدية في إبطال قوة الحبل من المرأة لقوات النسل، فيكمل فيه ديتها لانقاطع النسل، وتجب الدية في إبطال قوة الحبل من الرجل أيضاً بأن يجني على صلبه، فيصير منيه فاسداً لا يحبل، وتجب الدية في ذهاب جماع من المجني عليه، بجناية على صلبه مع بقاء مائه، وسمة ذكره، فيطل التلذذ بالجماع لأن ذلك من المنافع المقصودة. وقد ورد الأثر فيه عن الخلفاء الراشدين، وإن ضربه
نام کتاب : الفقه على المذاهب الأربعة نویسنده : عبد الرحمن الجزيري جلد : 5 صفحه : 299