نام کتاب : الفقه على المذاهب الأربعة نویسنده : عبد الرحمن الجزيري جلد : 4 صفحه : 270
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حملها وطلقها وهي حائض فطلاقها بدعي لأنه قد يؤدي إلى الندم بعد ظهور الحمل، فإن الرجل قد يندم على طلاقها ثلاثاً مع وجود ولده معها، أما الحامل من زنا، أو الحامل من الوطء بشبهة، فإن طلاقها وهي حامل بدعي، فإذا تزوج شخص امرأة غير حصينة فأباحت نفسها لغيره وهو غائب عنها فحملت من الزاني ثم حضر الزوج وأنكر حملها فإنه لا يجوز له أن يطلقها في هذه الحالة، بل يمسكها حتى تضع حملها وتطهر من النفاس وذلك تطويل عليها، وإذا كانت تحيض وهي حامل فإن له أن يطلقها بعد أن تطهر من حيضها حتى ولو جامعها في هذا الطهر، لأنها حبلى فلا يتصور حبلها مرة أخرى.
هذا هو ظاهر كلام الشافعية، وهو كما يظهر تطبيق للقاعدة المقررة لهذا، وهي أنه يحرم تطويل العدة على المرأة، بل يجب أن يطلقها الرجل فتشرع في العدة بدون إبطاء عملاً بقوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} أي لوقت الشروع في عدتهن، كما ستعرفه قريباً، ولكن قد يقال: إن الزانية لا تستوجب هذه الرأفة، لأن الزانية التي ثبت كونها زانية تستحق الرجم، وهو أكبر عقوبة دنيوية، فكيف يعقل أن يرأف الشارع بها فيأمر بعدم تطويل عدتها؟ على أن للرجل المعذرة في عدم الصبر على البقاء معها لما يلحقه من المذمة والعار، والفرار من هذا مطلوب شرعاً، ولذا قال بعض المحققين من الشافعية: أن هذا الحكم إنما هو بالنسبة لمن زنت وهي بعيدة عنه ثم تزوجها وهي حامل من الزنا، فإنه في هذه الحالة يكون راضياً بها، فلا يصح له أن يطلقها إلا في حال طهرها أن حاضت وهي حامل، وإلا فإنه يجب عليه إمساكها حتى تضع حملها وتطهر ثم يطلقها بعد ذلك، وهو وجيه، وإن كان الظاهر من كلامهم الإطلاق كما ذكرنا، أما الموطوءة بشبهة، وهي التي ظنها شخص امرأته فوطئها وهي نائمة لا تدري أو نحو ذلك مما تقدم، ثم حملت من هذا الوطء فإنه لا يصح طلاقها وهي حامل مطلقاً، سواء كانت تحيض وهي حبلى، أو لا، فإن حاضت ثم طهرت من الحيض وهي حامل فإنه لا يصح له طلاقها بل يجب إمساكها حتى تضع الحمل ثم تطهر من النفاس ثم يطلقها بعد ذلك.
القيد الثالث: أن يكون طلاقها في الطهر، سواء كان في ابتداء الطهر، أو في وسطه، أو في آخره، بشرط أن ينطق بالطلاق قبل أن ينزل بها الحيض، فلو نطق ببعض لفظ الطلاق وهي طاهرة واللفظ الثاني وهي حائض، بأن قال لها: أنت، وهي طاهرة، ثم نزل بها الدم، فقال لها: طالق فالطلاق يكون بدعياً، ولكن لا إثم فيه، ولا يحسب لها هذا الطهر الذي وقع فيه لفظ أنت بدون طالق، خلافاً لمن قال: إنه طلاق سني، وإن اللحظة التي وقع فيها لفظ أنت تعتبر طهراً كاملاً، ومثل ذلك ما إذا طلقها مع آخر وقت حيضها فإن طلاقها وإن كان حال الحيض ولكن لم يطول عليها العدة لأنها ستشرع في العدة عقب الطلاق مباشرة، وكذا إذا علق طلاقها بمضي بعض الطهر، كأن قال لها: أنت طالق إذا مضى نصف طهرك أو ثلثه أو بعضه، ومثله إذا علق على آخر حيضها، كأن قال لها: أنت طالق عند آخر حيضك، لأنه في كل هذه الأحوال يتحقق الغرض من الطلاق السني وهو عدم تطويل عدة المطلقة.
نام کتاب : الفقه على المذاهب الأربعة نویسنده : عبد الرحمن الجزيري جلد : 4 صفحه : 270