responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفقه على المذاهب الأربعة نویسنده : عبد الرحمن الجزيري    جلد : 4  صفحه : 203
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولكن مؤلفي الفتاوى قد ذكروا أموراً كثيرة قالوا عنها: إنها مكفرة، ولكن الواقع غير ذلك لأنها تحتمل التأويل، وكل ما كان كذلك فلا يكون مكفراً، ومن ذلك أن يقول الإنسان بخلق القرآن فقد ذكروا أنه يكفر بهذه العبارة، وهذا غير صحيح، وذلك لأن هذه العبارة تحتمل أن ألفاظ القرآن التي نقرؤها ونتعبد بها مخلوقة لله ولا يقول عاقل أنها قديمة، وما نقل عن الإمام أحمد كان من باب الأدب والورع، وتحتمل أيضاً ما يقوله المعتزلة من أنه ليس لله صفة زائدة على ذاته يقال لها: الكلام ولكن الله خلق الكلام الذي أسمعه موسى، وخلق القرآن الذي أنزله على محمد، وقد أقاموا البرهان القوي على ذلك، ولم يكفرهم أحد بل كثير من أعلام المسلمين قال: إن رأيهم في ذلك صواب، وتحتمل ما يقوله الكرامية، من أنها حادثة زائدة على الذات قائمة بذاته، وهذا لا يلزم منه الكفر إلا إذا اعتقدوا حدوث الذات لقيام الحوادث بها، أو اعتقدوا أن الله ليس بمتكلم قبل أن يخلق صفة الكلام الحادثة أما إذا اعتقدوا أن الله متكلم بذاته، ثم إذا أراد شيئاً قال: كن وقامت بذاته، ثم ترتب عليها الأثر، فإنهم لا يكفرون، فهذا كل ما يحتمله القول بخلق القرآن، ولا يخفى أنه قابل للتأويل من جميع الجهات.
ومنه ما إذا قال الشخص: أنا مؤمن إن شاء الله، وهذه لا يصح أن يكفر قائلها إلا إذا نطق بها على سبيل الشك بأن كان شاكاً في إيمانه، أما إذا ذكرها تبركاً، أو تفويضاً لله في كل الأمور فإنه لا شيء فيها، نعم ينبغي للشخص أن لا يأتي بهذه الكلمة في الأعمال المطلوبة منه جزماً كي يكون في حل من عدم فعلها ويوجب شك طالبها، ومن ذلك أن يقول الإنسان لشخص لا يمرض: إن الله - لا يفتكره - أو هو منسي من الله، وهذه الكلمة وإن كانت قبيحة، ولكن صاحبها لا يكفر إلا إذا قصد معناها المتبادر منها، وهو أنه يجوز على الله النسيان، أما إذا كان غرضه أن الله لا يحب هذا الرجل الذي لا يمرض فلا يكفر ذنوبه بالمرض فإنه لا يكفر، وإن كان قائلها جاهلاً ينبغي لمن سمعه من العارفين أن يعلمه ما يقول.
فهذه أمثلة مما ذكره مؤلفو الفتاوى. فينبغي النظر فيما ذكروه على هذا الوجه.
وبالجملة فالمحققون من الحنفية صرحوا بأنه لا يجوز تكفير المسلم إلا إذا لم يمكن تأويل كلامه، فلو قال: كلمة تحتمل الإيمان من وجه. والكفر من وجوه تحتمل على الإيمان حتى قالوا: إذا قال كلمة أو عمل يستلزم ظاهره الكفر ولكن وجدت رواية ضعيفة يحمل بها على الإيمان لا يصح المبادرة بتكفيره، نعم إذا فعل ما لا يمكن حمله على الإيمان كأن مزق مصحفاً وألقاه على الأرض لغيظ أو غضب من حالة عصبية وهو مؤمن فإنه يؤاخذ به مع اعتقاده بالنسبة لزوجته، لأن بينونتها منه بذلك حق من حقوقها، ولا يمكن للقاضي أن يدخل إلى ما في نفسه، بل لا بد من معاملته بظاهر أمره في حق هذه المرأة، أما الذي يمكن تأويله فإن فاعله أو قائله يؤمر بالتوبة والاستغفار وتجديد عقد زوجته احتياطاً، فإن أبت فلا تمكن من غرضها، ولا تجبر على التجديد.
ومن سب دين مسلم فإنه يحمل على أمرين: أحدهما سب نفس الشخص وأخلاقه التي يتخلق
نام کتاب : الفقه على المذاهب الأربعة نویسنده : عبد الرحمن الجزيري    جلد : 4  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست