نام کتاب : الفقه على المذاهب الأربعة نویسنده : عبد الرحمن الجزيري جلد : 1 صفحه : 369
الحارسة ليقطعوا صلاتهم، ويقاوموا عدوهم، وذلك منتهى الدقة والحذر؛ نعم تدل الآية على عظم قدر الصلاة جماعة عند المسلمين الأولين الذين كانوا يشعرون بعظمة خالف الكائنات الحي الدائم الذي لا يفنى حقاً، ويعرفون أن الصلاة تذلل لخالقهم، وخضوع لا ينبغي إهماله حتى في أحرج المواقف وأخطرها، ومما لا شك فيه أن صلاة الجماعة مطلوبة باتفاق، إنما الكلام في أنها فرض عين في جميع الصلوات الخمس، وجمهور أئمة المسلمين على أنها ليست كذلك.
وبعد فحكم صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة مبين في كل مذهب من المذاهب الأربعة تحت الخط [1] . [1] المالكية قالوا: في حكم الجماعة في الصلوات الخمس قولان: أحدهما مشهور، والثاني أقرب إلى التحقيق، فأما الأول فهو أنها سنة مؤكدة بالنسبة لكل مصل، وفي كل مسجد، وفي البلد الذي يقيم به المكلف، على أنه إن قام بها بعض أهل البلد لا يقاتل الباقون على تركها، وإلا قوتلوا لاستهانتهم بالسنة، وأما الثاني فهو أنه فرض كفاية في البلد، فإن تركها جميع أهل البلد قوتلوا؛ وإن قام بها بعضهم سقط الفرض عن الباقين، وسنة في كل مسجد للرجال، ومندوبة لكل مصل في خاصة نفسه، وللمالكي أن يعمل بأحد الرأيين، فإذا قال: إنها سنة عين مؤكدة يطلب اداؤها من كل مصل وفي كل مسجد؛ فقوله صحيح عندهم، على أنها وإن كانت سنة عين مؤكدة بالنسبة لكل مصل. ولكن إن قام بها بعض أهل البلد لا يقاتل الباقون على تركها، فالبلد الذي فيها مسجد تقام فيه الجماعة يكفي في رفع القتال عن الباقين، ومن قال إنها فرض كفاية فإنه يقول إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، وقد وافقهم الشافعية في هذا القول، وإن خالفوهم في التفصيل الذي بعده.
الحنفية قالوا: صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة سنة عين مؤكدة، وإن شئت قلت هي واجبة، لأن السنة المؤكدة هي الواجب على الأصح؛ وقد عرفت أن الواجب عند الحنفية أقل من الفرض، وأن تارك الواجب يأثم إثماً أقل من إثم تارك الفرض، وهذا القول متفق مع الرأي الأول للمالكية الذين يقولون: إنها سنة عين مؤكدة: ولكنهم يخالفونهم في مسألة قتال أهل البلدة من أجل تركها، وإنما تسن في الصلاة المفروضة للرجال العقلاء الأحرار، غير المعذورين بعذر من الأعذار الآتية. إذا لم يكونوا عراة، وسيأتي بيان الجماعة في حَق النساء والصبيان، وباقي شروط الإمامة.
الشافعية قالوا: في حكم صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة أقوال عندهم: الراجح منها أنها فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، فإذا أقيمت الجماعة في مسجد من مساجد البلدة سقطت عن باقي سكان البلدة، وكذا إذا أقامها جماعة في جهة من الجهات، فإنها تسقط عن باقي أهل الجهة. وبعض الشافعية يقول: إنها سنة عين مؤكدة، وهو مشهور عندهم، ومثل الصلوات الخمس في ذلك الحكم صلاة الجنازة، على أنهم قالوا: إن صلاة الجنازة تسقط إذا صلاها رجل واحد أو صبي مميز، بخلاف ما إذا صلتها امرأة واحدة، كما سيأتي في مباحث "صلاة الجنازة".
نام کتاب : الفقه على المذاهب الأربعة نویسنده : عبد الرحمن الجزيري جلد : 1 صفحه : 369