نام کتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 939
المتقين ثم إذا لم يثبت على ذلك كان عليهم أمره بما هو معروف ونهيه عما هو منكر ولا يجوز لهم أن يطيعوه في معصية الله ولا يجوز لهم أيضا الخروج عليه ومحاكمته إلى السيف فإن الأحاديث المتواترة قد دلت على ذلك دلالة أوضح من شمس النهار ومن له اطلاع على ما جاءت به السنة المطهرة انشره صدره لهذا فإذا به يجتمع شمل الأحاديث الواردة في الطاعة مع ما يشهد لها من الآيات القرآنية وشمل الأدلة الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشمل الأدلة الواردة في أنه لا طاعة في معصية الله وهي كثيرة جدا لا تيسع لها إلا مولف بسيط.
قوله: "سخي بوضع الحقوق في مواضعها".
أقول: قد عرفناك أن هذا من مقاصد الإمامة ومن الأمور التي تراد بها ومثل هذا أن لا يأخذها إلا من مواضعها الشرعية ولا فائدة للتنصيص على جزئيات ما توحيه العدالة وتقتضيه فإنه إذا أخذ الشيء من غير موضعه كان ظالما والظالم ليس بعدل وإذا شح عن وضعه في موضعه كان أيضا ظالما لمن هو له والظالم ليس بعدل.
قوله: "مدبر أكثر رأيه الإصابة".
أقول: وجهه أن من لم يكن أكثر رأيه الإصابة هو في عداد الحمقى الذين لا يصلحون لتدبير أنفسهم فضلا عن تدبير سائر المسلمين.
والحاصل أنه إذا كان عاقلا متأنيا في الأمور متجنبا للعجل والحرد ومباشرة الأمور حال الغضب كان غالب تدبيره الإصابة ولا سيما إذا اقتدى بكتاب الله وسنة رسوله في المشاورة لأهل الرأي فإن الله سبحانه قد ندب إلى ذلك رسوله المعصوم فكيف لا يقتدي به غيره ويمتثل أمر الله سبحانه وثبت في الصحيح [مسلم "12/124"] ، "أن النبي صلى الله عليه وسلم شاور الصحابة حين بلغه إقبال أبي سفيان"، وقد أطبق العقلاء حسن الإستشارة في الأمور ومعلوم أن اجتماع الرأي من رجلين أحزم من رأي الواحد نفسه فكيف إذا طابق على ذلك الرأي جماعة كما قال القائل:
ورأيان أحزم من واحد ... ورأي الثلاثة لا ينقض
وما أحسن قول القائل في المشورة:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ... برأي نصيح أونصيحة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة ... فريش الخوافي قوة للقوادم
قوله: "مقدام حيث تجوز السلامة".
أقول: لا بد أن يكون مع الإمام من قوة القلب وشدة البأس ما يحمله على مناجزة الأعداء ومثاغرة الخارجين على الإسلام فإن كان من الجبن بمكان يمنعه عن ذلك فقد أصيب بسبب هذه الغريزة التي يبغضها الله بفقدان أعظم المقاصد من إمامته لأنه يتنكب عن مواطن
نام کتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 939