responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي نویسنده : سعاد زرزور    جلد : 1  صفحه : 300
الباب التاسع (صلاة الخوف)

حكمها: رخصة في كل قتال مباح، كقتال الكفار والبغاة والمحاربين وقطاع الطرق.
أسبابها: الخوف.
أقسام الخوف:
-1- خوف شديد.
-2- وخوف غير شديد.
-1- الصلاة في الخوف الشديد: مثل التحام الحرب والقتال، ومصير المسلمين إلى المطاردة. فلهم في هذه الحالة أن يصلوا كيفما أمكنهم رجالاً أو ركباناً، يومؤون بالركوع والسجود على قدر الطاقة، ويتقدمون ويتأخرون ويضربون ويطعنون، ولا يؤخرون الصلاة عن وقتها، وصلاتهم صحيحة. ومن هرب هرباً مباحاً من عدو أو سيل أو سبع أو نار لا يمكنه التخلص إلا بالهرب، أو كان أسيراً يخاف الكفار إن صلى، أوكان مختفياً في موضع يخاف أن يظهر عليه، صلى كيفما أمكنه، قائماً أو قاعداً أو مستلقياً، إلى القبلة أو غيرها، بالإيماء، في السفر والحضر. فإن أمن في صلاته أتمها صلاة أمن، وإن ابتدأها آمناً فعرض له الخوف أتمها صلاة خائف، لأنه يبني على صلاة صحيحة، فجاز كبناء صلاة المرض على صلاة الصحة. وإن رأى سواداً فظنه عدواً فصلى صلاة الخوف، ثم بان له أنه غير عدو، أو أن بينه وبين العدو ما يمنع العبور، أعاد الصلاة لأنه لم يوجد المبيح، فأشبه من ظن أنه متطهر فصلى ثم علم بحدثه.
وتجوز الصلاة جماعة في شدة الخوف رجالاً وركباناً، ويعفى عن تقدمهم الإِمام لأجل الحاجة كما عفي عن العمل الكثير وترك الاستقبال.
-2- الصلاة في الخوف غير الشديد: قال الإِمام أحمد رضي الله عنه: الأحاديث التي جاءت في صلاة الخوف كلها أحاديث جياد صحاح، وهي تختلف -[301]- فأقول: إن ذلك كله جائز لمن فعله. أي تجوز الصلاة في الخوف غير الشديد على أية صفة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الوجه الأول: روى صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - سهل بن أبي خيثمة - يوم ذات الرقاع، صلاة الخوف (أن طائفة صفت معه، وطائفة وُجَاه العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائماً، وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا فصفوا وُجَاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى، فصلى بهم الركعة التي بقيت، ثم ثبت جالساً، وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم) [1] ويشترط في هذا الوجه أن يكون في المسلمين كثرة يمكن تفريقهم طائفتين، كل طائفة ثلاثة فأكثر. ويقرأ الإِمام في حال الانتظار، ويطيل حتى يدركوه، لأن الصلاة ليست محلاً للسكوت وتكون الطائفة الأولى في حكم الائتمام قبل مفارقته إن سها لحقهم حكم سهوه، وإن سهوا سجدوا لأنفسهم لأنهم منفردون، أما الطائفة الثانية فيلحقها سهو إمامها في جميع الصلاة ما أدركوه معه وما لم يدركوه كالمسبوق، ولا يلحقهم حكم سهوهم في شيء من صلاتهم، لأنهم إن فارقوه فعلاً فهم مؤتمون به حكماً لأنهم يسلمون بسلامه، فإذا قضوا ما عليهم فسجد إمامهم سجدوا معه، فإن سجد قبل إتمامهم سجدوا معه، لأنه إمامهم فلزمهم متابعته، ولا يعيدون السجود بعد فراغهم من التشهد، لأنهم لم ينفردوا عن الإِمام فلا يلزمهم من السجود أكثر مما يلزمه بخلاف المسبوق. وهذا الوجه هو الذي اختاره الإِمام أحمد من حديث سهل بن أبي خيثمة رضي الله عنه.
الوجه الثاني: أن يقسم الإِمام المصلين طائفتين، يصلي بكل طائفة صلاة كاملة، لما روى أبو بكرة رضي الله عنه قال: (صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر، بعضهم خلفه، وبعضهم بإزاء العدو، فصلى بهم ركعتين ثم سلم فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم، ثم جاء أولئك فصلى بهم ركعتين ثم سلم، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعاً، ولأصحابه ركعتين ركعتين) [2] . -[302]- الوجه الثالث: أن يصلي الإِمام بالمصلين كالصلاة التي قبلها، إلا أنه لا يسلم إلا في آخر الأربع، لما روى جابر رضي الله عنه قال: (أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع قال: ... فنودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا. وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين. قال: فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وللقوم ركعتان) [3] .
الوجه الرابع: روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه، فقامت طائفة معه وطائفة بإزاء العدو، فصلى بالذين معه ركعة ثم ذهبوا، وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة، ثم قضت الطائفتان ركعة ركعة. قال وقال ابن عمر: فإذا كان خوف أكثر من ذلك فصلِّ راكباً، أو قائماً. تومئ إيماءً) [4] .
فهذا الوجه جوز أحمد رضي الله عنه الصلاة به، واختار حديث سهل رضي الله عنه لأنه أشبه بظاهر الكتاب وأحوط للصلاة وأنكى للعدو، أما الكتاب فقوله تعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم، فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم، ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم..} [5] . ظاهره أن جميع صلاتها معه، وأن الطائفة الأولى قد صلت جميع صلاتها، ولا يتحقق هذا في هذا الوجه. وأما الاحتياط للحرب، فإن كان طائفة تنصرف بعد الفراغ من صلاتها وتتمكن من الضرب والكلام والتحريض، وفي هذا الوجه تنصرف كل طائفة وهي في حكم الصلاة فلا تتمكن من ذلك، لأن الأمر لا يخلوا من أن تمشي أو تركب وذلك عمل كثير يفسدها.
الوجه الخامس: إذا كان العدو في جهة القبلة بحيث لا يخفى بعضهم على المسلمين ولم يخافوا كميناً، فيصلي الإِمام بالمسلمين على الوجه الذي رواه جابر بن -[303]- عبد الله رضي الله عنهما قال: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فصفنا صفين: صف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعدو بيننا وبين القبلة، فكبَّر النبي صلى الله عليه وسلم وكبرنا جميعاً، ثم ركع وركعنا جميعاً، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود وقام الصف الذي يليه، انحدر الصف المؤخر بالسجود، وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر، وتأخر الصف المقدم، ثم ركع النبي صلى الله عليه وسلم وركعنا جميعاً، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، الذي كان مؤخراً في الركعة الأولى، وقام الصف المؤخر في نحور العدو، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا، ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعاً) [6] .
فهذه الأوجه الخمسة جائزة لمن فعلها. فإن صلى الإِمام المغرب على حديث سهل رضي الله عنه، صلى بالطائفة الأولى ركعتين وتتم لأنفسها ركعة تقرأ فيها بـ (الحمد لله) ، وصلى بالطائفة الثانية ركعة وتتم لأنفسها ركعتين تقرأ فيها بـ (الحمد لله) وسورة، وتفارقه الأولى حين يقوم إلى الثالثة في أحد الوجهين، لأن الانتظار في القيام أَولى لكثرة ثواب القائم واستحباب تقصير التشهد، وفي الوجه الآخر تفارقه حين يفرغ من تشهده الأول، فتقوم ويثبت هو جالساً لتدرك الثانية جميع الركعة الثالثة، ويطيل التشهد حتى تجيء الطائفة الثانية فينهض، ثم تكبر الطائفة وتدخل معه، فإذا جلس للتشهد الأخير نهضت لقضاء ما فاتها ولم تتشهد معه لأنه ليس بموضع تشهدها، ويحتمل أن تتشهد معه إذا قلنا: إنها تقضي ركعتين متواليتين لئلا يفضي إلى وقوع جميع الصلاة بتشهد واحد.
صلاة الخوف للمقيمين:
تجوز صلاة الخوف للمقيمين لعموم قوله تعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} ، ولأنها حالة خوف فأشبهت حالة السفر. فيقسم الإِمام المصلين -[304]- طائفتين، ويصلي بكل طائفة ركعتين، وتتم الطائفة الأخرى صلاتها تقرأ فيها بـ (الحمد لله) في كل ركعة والطائفة الأخرى تقرأ في إتمام صلاتها بـ (الحمد لله) وسورة. وفي موضع مفارقة الطائفة الأولى وجهان على ما ذكرنا في المغرب. وإن صلى الإِمام بطائفة ثلاث ركعات وبالأخرى ركعة جاز، أو صلى المغرب بالطائفة الأولى ركعة وبالطائفة الثانية ركعتين جاز كذلك، لأنه بالحالتين لم يزد على انتظارين ورد الشرع بهما. وإن فرقهم أربع فرق وصلى بكل طائفة ركعة أو ثلاث فرق في المغرب صحت صلاة الأولى والثانية لأنهما فارقتاه لعذر، وبطلت صلاة الإِمام لزيادته انتظاراً لم يرد الشرع بمثله وصلاة الثالثة والرابعة لاقتدائهما بمن صلاته باطلة. وقال ابن حامد: إن لم يعلما ببطلان صلاته صحت صلاتهما للعذر فأشبه من يصلي وراء محدث يجهل هو والإمام حدثه.
أما صلاة الخوف من غير الخوف فلا تصح، لأنها لا تنفك من مفارقة الإِمام، أو ترك متابعته، أو القصر مع إتمامه، أو القيام للقضاء قبل سلامه، وكل ذلك مبطل إلا مع العذر، إلا أن يصلي بكل طائفة صلاة تامة على حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

[1] مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 57/310.
[2] أبو داود: ج-2/ كتاب الصلاة باب 288/1248.
[3] مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين باب 57/311.
[4] مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين باب 57/306.
[5] النساء: 102.
[6] مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 57/307.
نام کتاب : فقه العبادات على المذهب الحنبلي نویسنده : سعاد زرزور    جلد : 1  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست