ـ أنه أسهل ترتيباً من التلقي عن طريق الكتب التي جمع فيها مؤلفها الأحاديث النبوية المشتملة على المسائل الشرعية، فإن هذا بلا شك أسهل ترتيباً وأوضح. بل إن أصحاب الكتب المؤلفة الحديثية، كصاحب بلوغ المرام، والمنتقى من أخبار المصطفى وغير ذلك من الكتب إنما استفادوا ذلك الترتيب من هذه الكتب الفقهية.
ـ الأمر الثاني: أنه أبعد عن تشتت ذهن الطالب، فإنه من المعلوم أن الكتب التي جمعت الأحاديث النبوية في الأحكام ليست جامعة للأحكام كلها، إذ الأحكام الشرعية مستفادة من الأحاديث النبوية ومن غيرها؛ فإنها تستفاد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والإجماعات، والقياسات الصحيحة وأقوال الصحابة.
وكتب الحديث الفقهية إنما تجمع الأحاديث التي قالها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مسائل الأحكام التكليفية فلا شك أنه ـ حينئذ ـ يكون أبعد للتشتيت فإن الطالب عندما يقرأ الكتاب الفقهي يجد فيه جميع المسائل العلمية التي استفادها العلماء من القرآن والسنة والإجماع والقياس وغيرها من الأحكام الشرعية.
فيكون أبعد لأَنْ يتشتت ذهنه بأن تجمع له المسائل من مصادر أخرى، بل يجد هذه المسائل موجودة في الكتاب الذي يتدارسه.
فإن التدارس من الكتب الفقهية ليس منكراً ـ كما ينكره بعض طلبة العلم ـ هذا أمر ليس بصحيح، بل تدارس ذلك من الطرق السليمة التي مازال يبينها أهل العلم، فإن شيخ الإسلام ابن تيمية وكذلك ابن القيم وغيرهم من أهل العلم قد تلقوا الفقه من مثل هذه الطريقة.
لكنهم لم يكتفوا ـ كما اكتفى كثير من الناس المقلدين، اكتفوا بها فتلقوا العلم من هذه الكتب ثم اكتفوا بذلك ولم يحرروا ولم يبحثوا عن الحق، بل اكتفوا بما فيها، فهذا أمر ليس بصحيح، وليس مشروعاً وهذا هو التقليد المذموم.