أما ما أضيف إلى أصحابه ـ أي أصحاب الإمام أحمد ـ أي العلماء الذين تقعدوا بقواعده وتأصلوا بأصوله فخرّجوا على مذهبه وفرعوا المسائل؛ لأن ما نقل عن الإمام أحمد لا يحيط بالمسائل الفقهية كلها. لكن العلماء الذي اقتدوا به أو أخذوا هذه الأصول والقواعد فجعلوها أصولاً وفرعوا منها مسائل، فجمع لنا هذا الفقه.
فليست كل مسألة من المسائل في الفقه الحنبلي أو المالكي أو الشافعي أو الحنبلي مضافة إلى الإمام نفسه الذي ينتسب إليه، ليس كذلك.
وإنما هي مضافة إما إليه نفسه وإما إلى أصحابه الذين تقعدوا بقواعده، وهذا تخريج على نفس القواعد، فليست خارجة عن قواعد الإمام لكنهم اختلفوا فبعضهم رأى هذا القول وبعضهم رأى القول الآخر فيقال في المسألة وجهان.
ـ أما الاحتمال: فهو ما يصح أن يكون وجهاً في المذهب.
إذن ليس بوجه لكن يأتي عالم بعد ذلك فيقول: " هذا احتمال" ينفي أن يكون وجهاً فينفى أن تخرج على قواعد الإمام رحمه الله.
وحينئذٍ تبين لنا: أن العارف بقواعد أحمد وأصوله يمكنه أن يختار القول الراجح من هذين القولين.
لذا المذهب فيه راجح ومرجوح، فمثلاً: ألّف صاحب الإنصاف كتابه في الراجح من مسائل الخلاف أي في مذهب أحمد.
وكذلك صاحب الفروع يرجح، وكذلك الموفق وغيره.
وعندما يقال (ظاهر المذهب) : أي الراجح منه.
(والمشهور في المذهب) : أي الراجح في المذهب.
فالمتفقه في مذهب الحنابلة يمكنه أن يرجح الحق من مسائل الخلاف فيه.
كما أن العارف بالأدلة الشرعية والمتمرس فيها يمكنه أن يرجح فيما يختلف فيه أهل العلم عامة من الحنابلة وغيرهم.
إذن المقنع: ليس فيه قول واحد عن الإمام أحمد أو أصحابه، وإنما يذكر احتمالات.
فأتى هذا المؤلف واختار من الروايتين رواية واختار من كل وجهين وجها هو الظاهر والمذهب والمشهور فيه عنده، وإلا فقد يقع خطأ منه فيختار ما ليس بمشهور في المذهب ويكون المشهور في المذهب بخلاف ما اختاره.