responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 71
الَّذِي شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ، وَلِهَذَا «سَأَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاعِزًا، فَقَالَ: إنَّك أَقْرَرْت أَرْبَعًا، فَبِمَنْ؟» . وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ هَذَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُهُمَا فِي الْإِقْرَارِ، وَلَمْ يَأْتِ ذِكْرُهُمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الشَّهَادَةِ فِي رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ ذِكْرُ الْمَكَانِ؛ وَلِأَنَّ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ الزَّمَانِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ الْمَكَانِ، كَالنِّكَاحِ، وَيَبْطُلُ مَا ذِكْرُهُ بِالزَّمَانِ.
الشَّرْطُ السَّابِعُ، مَجِيءُ الشُّهُودِ كُلِّهِمْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ، فَقَالَ: وَإِنْ جَاءَ أَرْبَعَةٌ مُتَفَرِّقِينَ، وَالْحَاكِمُ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ، لَمْ يَقُمْ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ، وَإِنْ جَاءَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ أَنْ قَامَ الْحَاكِمُ، كَانُوا قَذَفَةً، وَعَلَيْهِمْ الْحَدُّ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالْبَتِّيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 13] . وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَجْلِسَ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} [النساء: 15] . وَلِأَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ مَقْبُولَةٌ إنْ اتَّفَقَتْ، تُقْبَلُ إذَا افْتَرَقَتْ فِي مَجَالِسَ، كَسَائِرِ الشَّهَادَاتِ.
وَلَنَا أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَنَافِعًا وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ شَهِدُوا عِنْدَ عُمَرَ، عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِالزِّنَا، وَلَمْ يَشْهَدْ زِيَادٌ، فَحَدَّ الثَّلَاثَةَ.
وَلَوْ كَانَ الْمَجْلِسُ غَيْرَ مُشْتَرَطٍ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحُدَّهُمْ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكْمُلُوا بِرَابِعٍ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ، فَحَدَّهُمْ، ثُمَّ جَاءَ رَابِعٌ فَشَهِدَ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، وَلَوْلَا اشْتِرَاطُ الْمَجْلِسِ، لَكَمَلَتْ شَهَادَتُهُمْ. وَبِهَذَا فَارَقَ سَائِرَ الشَّهَادَاتِ. وَأَمَّا الْآيَةُ: فَإِنَّهَا لَمْ تَتَعَرَّضْ لِلشُّرُوطِ، وَلِهَذَا لَمْ تَذْكُرْ الْعَدَالَةَ، وَصِفَةَ الزِّنَا؛ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ} [النور: 4] . لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ، أَوْ مُقَيَّدًا، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ جَلْدِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ زَمَنٍ إلَّا يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ، أَوْ بِكَمَالِهِمْ إنْ كَانَ قَدْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ، فَيَمْتَنِعُ جَلْدُهُمْ الْمَأْمُورُ بِهِ، فَيَكُونُ تَنَاقُضًا، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ، فَأَوْلَى مَا قُيِّدَ بِالْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ كُلَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَالِ الْوَاحِدَةِ، وَلِهَذَا ثَبَتَ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْقَبْضِ فِيمَا يُعْتَبَرُ الْقَبْضُ فِيهِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمْ حَالَ مَجِيئِهِمْ، وَلَوْ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، قَبِلَ شَهَادَتَهُمْ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: إنْ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ، فَهُمْ قَذَفَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجْتَمِعُوا فِي مَجِيئِهِمْ، فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ، كَاَلَّذِينَ لَمْ يَشْهَدُوا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ. وَلَنَا قِصَّةُ الْمُغِيرَةِ، فَإِنَّ الشُّهُودَ جَاءُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَسُمِعَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنَّمَا حُدُّوا لِعَدَمِ كَمَالِهَا. وَفِي حَدِيثِهِ، أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ: أَرَأَيْت إنْ جَاءَ آخَرُ يَشْهَدُ، أَكُنْت تَرْجُمُهُ؟ . قَالَ عُمَرُ: أَيْ، وَاَلَّذِي نَفْسِي

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست