responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 63
لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، مَأْكُولَةً أَوْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الِاخْتِيَارُ قَتْلُهَا، وَإِنْ تُرِكَتْ فَلَا بَأْسَ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ إنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً ذُبِحَتْ، وَإِلَّا لَمْ تُقْتَلْ. وَهَذَا قَوْلٌ ثَانٍ لِلشَّافِعِيِّ؛ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ» .
وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً، فَاقْتُلُوهُ، وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ» وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ كَوْنِهَا مَأْكُولَةً أَوْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ، وَلَا بَيْنَ مِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ. فَإِنْ قِيلَ: الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ فِي قَتْلِ الْفَاعِلِ الْجَانِي، فَفِي حَقِّ حَيَوَانٍ لَا جِنَايَةَ مِنْهُ أَوْلَى. قُلْنَا: إنَّمَا يُعْمَلْ بِهِ فِي قَتْلِ الْفَاعِلِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، لِوَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ حَدٌّ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَهَذَا إتْلَافُ مَالٍ، فَلَا تُؤَثِّرُ الشُّبْهَةُ فِيهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ إتْلَافُ آدَمِيٍّ، وَهُوَ أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ حُرْمَةً، فَلَمْ يَجُزْ التَّهَجُّمُ عَلَى إتْلَافِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِثْلُ هَذَا فِي إتْلَافِ مَالٍ، وَلَا حَيَوَانٍ سِوَاهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ الْحَيَوَانَ إنْ كَانَ لِلْفَاعِلِ، ذَهَبَ هَدَرًا، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ، فَعَلَى الْفَاعِلِ غَرَامَتُهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ إتْلَافِهِ، فَيَضْمَنُهُ، كَمَا لَوْ نَصَبَ لَهُ شَبَكَةً فَتَلِفَ بِهَا. ثُمَّ إنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً، فَهَلْ يُبَاحُ أَكْلُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَلِلشَّافِعِيِّ أَيْضًا فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَحِلُّ أَكْلُهَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة: 1] . وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مِنْ جِنْسٍ يَجُوزُ أَكْلُهُ، ذَبَحَهُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ، فَحَلَّ أَكْلُهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُفْعَلْ بِهِ هَذَا الْفِعْلُ، وَلَكِنْ يُكْرَهُ أَكْلُهُ؛ لِشُبْهَةِ التَّحْرِيمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قِيلِ لَهُ: مَا شَأْنُ الْبَهِيمَةِ؟ قَالَ: مَا أُرَاهُ قَالَ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَهَا وَقَدْ فُعِلَ بِهَا ذَلِكَ الْفِعْلُ. وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ يَجِبُ قَتْلُهُ، لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ، كَسَائِرِ الْمَقْتُولَاتِ، وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ قَتْلِهَا، فَقِيلَ: إنَّمَا قُتِلَتْ لِئَلَّا يُعَيَّرَ فَاعِلُهَا، وَيُذَكَّرَ بِرُؤْيَتِهَا. وَقَدْ رَوَى ابْنُ بَطَّةَ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ، وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْبَهِيمَةِ؟ قَالَ: لَا يُقَالُ هَذِهِ وَهَذِهِ» . وَقِيلَ: لِئَلَّا تَلِدَ خَلْقًا مُشَوَّهًا. وَقِيلَ: لِئَلَّا تُؤْكَلَ. وَإِلَيْهَا أَشَارَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَعْلِيلِهِ. وَلَا يَجِبُ قَتْلُهَا حَتَّى يَثْبُتَ هَذَا الْعَمَلُ بِهَا بِبَيِّنَةٍ، فَأَمَّا إنْ أَقَرَّ الْفَاعِلُ، فَإِنْ كَانَتْ الْبَهِيمَةُ لَهُ، ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ قَتْلُهَا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا. وَهَلْ يَثْبُتُ هَذَا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَإِقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست