responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 575
إحْدَاهُمَا، لَا يَحْنَثُ.
حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَاقْتَضَتْ الْمَنْعَ مِنْ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْهُ، كَالنَّهْيِ، فَنَظِيرُ الْحَالِفِ عَلَى الدُّخُولِ قَوْله تَعَالَى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: 58] . {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} [المائدة: 23] . فَلَا يَكُونُ الْمَأْمُورُ مُمْتَثِلًا إلَّا بِدُخُولِ جُمْلَتِهِ، وَنَظِيرُ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الدُّخُولِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: 27] .
وَقَوْلُهُ: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] . لَا يَكُونُ الْمَنْهِيُّ مُمْتَثِلًا إلَّا بِتَرْكِ الدُّخُولِ كُلِّهِ، فَكَذَلِكَ الْحَالِفُ عَلَى تَرْكِ الدُّخُولِ، لَا يَبْرَأُ إلَّا بِتَرْكِهِ كُلِّهِ، فَمَتَى أَدْخَلَ بَعْضَهُ لَمْ يَكُنْ تَارِكًا لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَكَانَ مُخَالِفًا، كَالْمَنْهِيِّ عَنْ الدُّخُولِ.
وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، أَنَّ الْآمِرَ وَالنَّاهِيَ يَقْصِدُ الْحَمْلَ عَلَى فِعْلِ الشَّيْءِ أَوْ الْمَنْعَ مِنْهُ، وَالْحَالِفُ يَقْصِدُ بِيَمِينِهِ ذَلِكَ، فَكَانَا سَوَاءً، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الْآمِرَ بِالْفِعْلِ أَوْ الْحَالِفَ عَلَيْهِ، يَقْصِدُ فِعْلَ الْجَمِيعِ، فَلَا يَكُونُ مُمْتَثِلًا وَلَا بَارًّا إلَّا بِفِعْلِهِ كُلِّهِ، وَالنَّاهِيَ وَالْحَالِفَ عَلَى التَّرْكِ، يَقْصِدُ تَرْكَ الْجَمِيعِ، فَلَا يَكُونُ مُمْتَثِلًا وَلَا بَارًّا إلَّا بِتَرْكِ الْجَمِيعِ، وَفَاعِلُ الْبَعْضِ مَا فَعَلَ الْجَمِيعَ، وَلَا تَرَكَ الْجَمِيعَ، فَلَا يَكُونُ مُمْتَثِلًا لِلْأَمْرِ وَلَا النَّهْيِ، وَلَا بَارًّا بِالْحَلِفِ عَلَى الْفِعْلِ وَلَا التَّرْكِ.
وَالرِّوَايَةُ، الثَّانِيَةُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَنْ يَدْخُلَ كُلُّهُ. قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَحَنْبَلٍ، فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ لَا تَدْخُلُ بَيْتَ أَخِيهَا: لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ كُلُّهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: كُلِّي أَوْ بَعْضِي؟ لِأَنَّ الْكُلَّ لَا يَكُونُ بَعْضًا، وَالْبَعْضُ لَا يَكُونُ كُلًّا. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ.
وَهَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، فَفَعَلَ بَعْضَهُ، لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَفْعَلَهُ كُلَّهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إلَى عَائِشَةَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَتُرَجِّلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ. وَالْمُعْتَكِفُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَالْحَائِضُ مَمْنُوعَةٌ مِنْ اللُّبْثِ فِيهِ. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: " إنِّي لَا أَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى أُعَلِّمَكَ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 575
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست