responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 559
لِلَّهِ - تَعَالَى، فَإِذَا كَانَ مُطَالَبًا بِالدَّيْنِ، وَجَبَ تَقْدِيمُهُ، كَزَكَاةِ الْفِطْرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَالَبًا بِالدَّيْنِ، فَكَلَامُ أَحْمَدَ يَقْتَضِي رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا قَدْرٌ مِنْ الْمَالِ، فَلَمْ تَسْقُطْ بِالدَّيْنِ، كَزَكَاةِ الْفِطْرِ. وَالثَّانِيَةُ لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، يَجِبُ فِي الْمَالِ فَأَسْقَطَهَا الدَّيْنُ، كَزَكَاةِ الْمَالِ.
وَهَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ، لِشُحِّهِ، وَحَاجَتِهِ إلَيْهِ، وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْغَرِيمِ، وَتَفْرِيغُ ذِمَّةِ الْمَدِينِ، وَحَقُّ اللَّهِ - تَعَالَى - مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ؛ لِكَرَمِهِ وَغِنَاهُ، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ بِالْمَالِ لَهَا بَدَلٌ، وَدَيْنُ الْآدَمِيِّ لَا بَدَلَ لَهُ، وَيُفَارِقُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ؛ لِكَوْنِهَا أُجْرِيَتْ مُجْرَى النَّفَقَةِ وَلِهَذَا يَتَحَمَّلُهَا الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ، كَالزَّوْجِ عَنْ امْرَأَتِهِ وَعَائِلَتِهِ وَرَقِيقِهِ، وَلَا بَدَلَ لَهَا، بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ.

[فَصْلٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ أَوْ دَيْنٌ يَرْجُو وَفَاءَهُ لَمْ يُكَفِّرْ بِالصِّيَامِ]
(8058) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ، أَوْ دَيْنٌ يَرْجُو وَفَاءَهُ، لَمْ يُكَفِّرْ بِالصِّيَامِ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُجْزِئُهُ الصِّيَامُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِدٍ، فَأَجْزَأَهُ الصِّيَامُ، عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: 89] .
وَقِيَاسًا عَلَى الْمُعْسِرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِدٍ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَوْ عَدِمَ الْهَدْيَ فِي مَوْضِعِهِ، انْتَقَلَ إلَى الصِّيَامِ، وَلَوْ عَدِمَ الْمَاءَ فِي مَوْضِعِهِ، انْتَقَلَ إلَى التَّيَمُّمِ، وَلَوْ عَدِمَ الْمُظَاهِرُ الْمَالَ فِي مَوْضِعِهِ، انْتَقَلَ إلَى الصِّيَامِ، وَالِانْتِقَالُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْوِجْدَانِ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ، أَشْبَهَ هَذِهِ الْأُصُولَ. وَلَنَا، أَنَّهُ حَقُّ مَالٍ يَجِبُ عَلَى وَجْهِ الطُّهْرَةِ، فَلَمْ تَمْنَعْ الْغَيْبَةُ وُجُوبَهُ، كَالزَّكَاةِ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ، وَلَا ضَرَرَ فِي تَأْخِيرِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِغَيْبَتِهِ، كَالزَّكَاةِ، وَفَارَقَ الْهَدْيَ؛ فَإِنَّ لَهُ وَقْتًا يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ، وَالتَّيَمُّمُ يُفْضِي تَأْخِيرُهُ إلَى فَوَاتِ الصَّلَاةِ، وَتَأْخِيرُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ يُفْضِي إلَى تَرْكِ الْوَطْءِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَلَا نُسَلِّمُ عَدَمَ التَّمَكُّنِ؛ وَلِهَذَا صَحَّ بَيْعُ الْغَائِبِ، مَعَ أَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ التَّسْلِيمِ شَرْطٌ.

[مَسْأَلَةٌ مَنْ مَلَكَ رَقَبَةً تُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ لَا يُجْزِئُهُ الصِّيَام]
(8059) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ (وَمَنْ لَهُ دَارٌ لَا غِنَى لَهُ عَنْ سُكْنَاهَا، أَوْ دَابَّةٌ يَحْتَاجُ إلَى رُكُوبِهَا، أَوْ خَادِمٌ يَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهِ، أَجْزَأَهُ الصِّيَامُ فِي الْكَفَّارَةِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ فِيمَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالسُّكْنَى مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَى رُكُوبِهَا؛ لِكَوْنِهِ لَا يُطِيقُ الْمَشْيَ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، أَوْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْخَادِمُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهِ لِكَوْنِهِ مِمَّنْ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ؛ لِمَرَضٍ، أَوْ كِبَرٍ، أَوْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِهِ، فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ لَا تَمْنَعُ التَّكْفِيرَ بِالصِّيَامِ، وَلَا الزَّكَاةِ مِنْ الْأَخْذِ وَالْكَفَّارَةِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 559
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست