responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 555
وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالصَّوْمِ مُطْلَقٌ، فَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَلِأَنَّهُ صَامَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ، فَلَمْ يَجِبْ التَّتَابُعُ فِيهِ، كَصِيَامِ الْمُتَمَتِّعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ. وَلَنَا، أَنَّ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: " فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ ".
كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي " التَّفْسِيرِ " عَنْ جَمَاعَةٍ، وَهَذَا إنْ كَانَ قُرْآنًا، فَهُوَ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا، فَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا سَمِعَاهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَفْسِيرًا فَظَنَّاهُ قُرْآنًا، فَثَبَتَتْ لَهُ رُتْبَةُ الْخَبَرِ، وَلَا يَنْقُصُ عَنْ دَرَجَةِ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْآيَةِ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ، فَهُوَ حُجَّةٌ يُصَارُ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ صِيَامٌ فِي كَفَّارَةٍ فَوَجَبَ فِيهِ التَّتَابُعُ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ، وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فِيمَا مَضَى. فَعَلَى هَذَا، إنْ أَفْطَرَتْ الْمَرْأَةُ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ، أَوْ الرَّجُلُ لِمَرَضٍ، لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ.
وَبِهَذَا قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَنْقَطِعُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ التَّتَابُعَ لَمْ يُوجَدْ، وَفَوَاتُ الشَّرْطِ يَبْطُلُ بِهِ الْمَشْرُوطُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَنْقَطِعُ فِي الْمَرَضِ، فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَلَا يَنْقَطِعُ فِي الْحَيْضِ. وَلَنَا، أَنَّهُ عُذْرٌ يُبِيحُ الْفِطْرَ، أَشْبَهَ الْحَيْضَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْحَانِثُ عَبْدًا حُكْم كَفَّارَة الْيَمِينِ]
(8051) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ كَانَ الْحَانِثُ عَبْدًا، لَمْ يُكَفِّرْ بِغَيْرِ الصَّوْمِ) لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْعَبْدَ يُجْزِئُهُ الصِّيَامُ فِي الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضُ الْمُعْسِرِ مِنْ الْأَحْرَارِ، وَهُوَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلِأَنَّ الْعَبْدَ دَاخِلٌ فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: 89] . وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ، لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ الصِّيَامِ.
وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، فِيمَا إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ، رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَجُوزُ تَكْفِيرُهُ بِهِ. وَالْأُخْرَى، لَا يَجُوزُ إلَّا بِالصِّيَامِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا عِلَلَ ذَلِكَ فِي الظِّهَارِ، وَالِاخْتِلَافَ فِيهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي، أَنَّ أَصْلَ هَذَا عِنْدَهُ الرِّوَايَتَانِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ بِالتَّمْلِيكِ، إنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ. فَمَلَّكَهُ سَيِّدُهُ، وَأَذِنَ لَهُ بِالتَّكْفِيرِ، بِالْمَالِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا يُكَفِّرُ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ. فَفَرْضُهُ الصِّيَامُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا يُكَفِّرُ بِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ بِالتَّكْفِيرِ فِي الْمَالِ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 555
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست