responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 52
وَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «وَأَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. وَلِأَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ تَأْدِيبَ أَمَتِهِ وَتَزْوِيجَهَا، فَمَلَكَ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهَا، كَالسُّلْطَانِ، وَفَارَقَ الصَّبِيَّ.

إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّمَا يَمْلِكُ إقَامَةَ الْحَدِّ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ؛ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ جَلْدًا كَحَدِّ الزِّنَى، وَالشُّرْبِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، فَأَمَّا الْقَتْلُ فِي الرِّدَّةِ، وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ، فَلَا يَمْلِكُهَا إلَّا الْإِمَامُ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَفِيهِمَا وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُهَا. وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» . وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَطَعَ عَبْدًا سَرَقَ. وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ. وَعَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا قَتَلَتْ أَمَةً لَهَا سَحَرَتْهَا. وَلِأَنَّ ذَلِكَ حَدٌّ أَشْبَهَ الْجَلْدَ. وَقَالَ الْقَاضِي: كَلَامُ أَحْمَدَ يَقْتَضِي أَنَّ فِي قَطْعِ السَّارِقِ رِوَايَتَيْنِ.
وَلَنَا، أَنَّ الْأَصْلَ تَفْوِيضُ الْحَدِّ إلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَيُفَوَّضُ إلَى نَائِبِهِ، كَمَا فِي حَقِّ الْأَحْرَارِ، وَلِمَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنَّمَا فُوِّضَ إلَى السَّيِّدِ الْجَلْدُ خَاصَّةً، لِأَنَّهُ تَأْدِيبٌ، وَالسَّيِّدُ يَمْلِكُ تَأْدِيبَ عَبْدِهِ وَضَرْبَهُ عَلَى الذَّنْبِ، وَهَذَا مِنْ جِنْسِهِ، وَإِنَّمَا افْتَرَقَا فِي أَنَّ هَذَا مُقَدَّرٌ، وَالتَّأْدِيبُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، وَهَذَا لَا أَثَرَ لَهُ فِي مَنْعِ السَّيِّدِ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ، فَإِنَّهُمَا إتْلَافٌ لِجُمْلَتِهِ أَوْ بَعْضِهِ الصَّحِيحِ، وَلَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ هَذَا مِنْ عَبْدِهِ، وَلَا شَيْئًا مِنْ جِنْسِهِ، وَالْخَبَرُ الْوَارِدُ فِي حَدِّ السَّيِّدِ عَبْدَهُ، إنَّمَا جَاءَ فِي الزِّنَى خَاصَّةً، وَإِنَّمَا قِسْنَا عَلَيْهِ مَا يُشْبِهُهُ مِنْ الْجَلْدِ. وَقَوْلُهُ: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» .
إنَّمَا جَاءَ فِي سِيَاقِ الْجَلْدِ فِي الزِّنَى، فَإِنَّ أَوَّلَ الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «أُخْبِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَمَةٍ لَهُمْ فَجَرَتْ، فَأَرْسَلَنِي إلَيْهَا، فَقَالَ: اجْلِدْهَا الْحَدَّ. قَالَ: فَانْطَلَقْت، فَوَجَدْتهَا لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا، فَرَجَعْت إلَيْهِ، فَقَالَ: أَفَرَغْتَ؟ . فَقُلْت: وَجَدْتهَا لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا. قَالَ: إذَا جَفَّتْ مِنْ دَمِهَا، فَاجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَأَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» . فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ ذَلِكَ الْحَدَّ وَشِبْهَهُ. وَأَمَّا فِعْلُ حَفْصَةَ، فَقَدْ أَنْكَرَهُ عُثْمَانُ عَلَيْهَا، وَشَقَّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهَا. وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، فَلَا نَعْلَمُ ثُبُوتَهُ عَنْهُ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَخْتَصَّ السَّيِّدُ بِالْمَمْلُوكِ، فَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، أَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُزَوَّجَةً، أَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ مُكَاتَبًا، أَوْ بَعْضُهُ حُرًّا، لَمْ يَمْلِكْ السَّيِّدُ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: يَمْلِكُ السَّيِّدُ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ؛ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِمِلْكِهَا، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ بَعْضَ نَفْعِهَا، فَأَشْبَهَتْ الْمُسْتَأْجَرَةَ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست