responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 494
يَعْنِي فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْحِنْثِ. وَقَدْ رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا نَذْرَ وَلَا يَمِينَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ، وَلَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ - تَعَالَى وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَدَعْهَا، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَةٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ لِرَفْعِ الْإِثْمِ، وَلَا إثْمَ فِي الطَّاعَةِ. وَلِأَنَّ الْيَمِينَ كَالنَّذْرِ، وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ - تَعَالَى.
وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ. وَقَالَ: إنِّي وَاَللَّهِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَحَدِيثُهُمْ لَا يُعَارِضُ حَدِيثَنَا؛ لِأَنَّ حَدِيثَنَا أَصَحُّ مِنْهُ وَأَثْبَتُ.
ثُمَّ إنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَةٌ لِإِثْمِ الْحَلِفِ، وَالْكَفَّارَةُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا كَفَّارَةُ الْمُخَالَفَةِ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْحِنْثَ طَاعَةٌ. قُلْنَا: فَالْيَمِينُ غَيْرُ طَاعَةٍ، فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِلْمُخَالَفَةِ، وَلِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - إذَا حَلَفَ بِهِ وَلَمْ يَبَرَّ يَمِينَهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، نَظَرْنَا فِي يَمِينِهِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ فَفَعَلَهُ، حَنِثَ، وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ فَلَمْ يَفْعَلْهُ، وَكَانَتْ يَمِينُهُ مُؤَقَّتَةً بِلَفْظِهِ، أَوْ نِيَّتِهِ، أَوْ قَرِينَةِ حَالِهِ، فَفَاتَ الْوَقْتُ، حَنِثَ، وَكَفَّرَ.
وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً، لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِفَوَاتِ وَقْتِ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ وَالْفِعْلُ مُمْكِنٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَفْعَلَ فَلَا يَحْنَثُ؛ وَلِهَذَا «قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَلَمْ تُخْبِرْنَا أَنَّا نَأْتِي الْبَيْتَ، وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: فَأَخْبَرْتُك أَنَّك تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَإِنَّك آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ» . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: 7] . وَهُوَ حَقٌّ، وَلَمْ يَأْتِ بَعْدُ.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ عَلَى شَيْء فَفَعَلَهُ نَاسِيًا]
(7947) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا، فَفَعَلَهُ نَاسِيًا. فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. نَقَلَهُ عَنْ أَحْمَدَ الْجَمَاعَةُ، إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ. هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ أَيْضًا، وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَإِسْحَاقَ، قَالُوا: لَا حِنْثَ عَلَى النَّاسِي فِي طَلَاقٍ وَلَا غَيْرِهِ.
وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] .

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 494
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست