responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 459
ثُمَّ إنَّ الْعَرَبَ سَمَّتْ الذَّبِيحَةَ عِنْدَ حَلْقِ شَعْرِهِ عَقِيقَةً، عَلَى عَادَاتِهِمْ فِي تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ سَبَبِهِ أَوْ مَا جَاوَرَهُ، ثُمَّ اُشْتُهِرَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْعُرْفِيَّةِ، وَصَارَتْ الْحَقِيقَةُ مَغْمُورَةً فِيهِ، فَلَا يُفْهَمُ مِنْ الْعَقِيقَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا الذَّبِيحَةُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَنْكَرَ أَحْمَدُ هَذَا التَّفْسِيرَ، وَقَالَ: إنَّمَا الْعَقِيقَةُ الذَّبْحُ نَفْسُهُ. وَوَجْهُهُ أَنَّ أَصْلَ الْعَقِّ الْقَطْعُ، وَمِنْهُ عَقَّ وَالِدَيْهِ، إذَا قَطَعَهُمَا.
وَالذَّبْحُ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ. وَالْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ، وَفُقَهَاءُ التَّابِعِينَ، وَأَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ، إلَّا أَصْحَابَ الرَّأْيِ، قَالُوا لَيْسَتْ سُنَّةً، وَهِيَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْعَقِيقَةِ، فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَا يُحِبُّ الْعُقُوقَ. فَكَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ، وَقَالَ: مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ.» رَوَاهُ مَالِكٌ فِي " مُوَطَّئِهِ " لَوْ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَدَاوُد: هِيَ وَاجِبَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ، أَنَّ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا، كَمَا يُعْرَضُونَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ؛ لِمَا رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُسَمَّى فِيهِ، وَتُحْلَقُ رَأْسُهُ» . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ. قَالَ أَحْمَدُ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَرَوَى حَدِيثَ سَمُرَةَ الْأَثْرَمُ، وَأَبُو دَاوُد. وَعَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُمْ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ.» وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ. وَلَنَا، عَلَى اسْتِحْبَابِهَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ، وَعَنْ أُمِّ كَرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ، قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» . وَفِي لَفْظٍ: «عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مِثْلَانِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: " الْعَقِيقَةُ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ ".
وَالْإِجْمَاعُ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: الْعَقِيقَةُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، كَانُوا يَكْرَهُونَ تَرْكَهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: الْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَفَعَلَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ ". وَهُوَ إسْنَادٌ جَيِّدٌ، يَرْوِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَجَعَلَهَا أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَذَلِكَ لِقِلَّةِ عِلْمِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِالْأَخْبَارِ. وَأَمَّا بَيَانُ كَوْنِهَا غَيْرَ وَاجِبَةٍ، فَدَلِيلُهُ مَا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُ الرَّأْيِ مِنْ الْخَبَرِ، وَمَا رَوَوْهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَأْكِيدِ الِاسْتِحْبَابِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّهَا ذَبِيحَةٌ لِسُرُورٍ حَادِثٍ، فَلَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً، كَالْوَلِيمَةِ وَالنَّقِيعَةِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 459
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست