responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 446
لَا يَحْلُبُهَا، وَيَرُشُّ عَلَى الضَّرْعِ الْمَاءَ حَتَّى يَنْقَطِعَ اللَّبَنُ، فَإِنْ احْتَلَبَهَا، تَصَدَّقَ، بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ، فَلَمْ يَجُزْ لِلْمُضَحِّي الِانْتِفَاعُ بِهِ، كَالْوَلَدِ وَلَنَا، قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَحْلُبُهَا إلَّا فَضْلًا عَنْ تَيْسِيرِ وَلَدِهَا. وَلِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ لَا يَضُرُّهَا، فَأَشْبَهُ الرُّكُوبَ، يُفَارِقُ الْوَلَدَ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ إيصَالُهُ إلَى مَحَلِّهِ، أَمَّا اللَّبَنُ، فَإِنْ حَلَبَهُ وَتَرَكَهُ فَسَدَ، وَإِنْ لَمْ يَحْلُبْهُ، تَعَقَّدَ الضَّرْعُ، وَأَضَرَّ بِهَا، فَجُوِّزَ لَهُ شُرْبُهُ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ. وَإِنْ احْتَلَبَ مَا يَضُرُّ بِهَا أَوْ بِوَلَدِهَا، لَمْ يَجُزْ لَهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَصُوفُهَا شَعْرُهَا، وَوَبَرُهَا إذَا جَزَّهُ، تَصَدَّقَ بِهِ، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ، فَلِمَ أَجَزْتُمْ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِاللَّبَنِ؟ قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَبَنَهَا يَتَوَلَّدُ مِنْ غِذَائِهَا وَعَلَفِهَا، وَهُوَ الْقَائِمُ بِهِ، فَجَازَ صَرْفُهُ إلَيْهِ، كَمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا عَلَفَ الرَّهْنَ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْلُبَ، وَيَرْكَبَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الصُّوفَ وَلَا الشَّعْرَ.
الثَّانِي، أَنَّ الصُّوفَ وَالشَّعْرَ يُنْتَفَعُ بِهِ عَلَى الدَّوَامِ، فَجَرَى مَجْرَى جِلْدِهَا وَأَجْزَائِهَا، وَاللَّبَنُ يُشْرَبُ وَيُؤْكَلُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَجَرَى مَجْرَى مَنَافِعِهَا وَرُكُوبِهَا، وَلِأَنَّ اللَّبَنَ يَتَجَدَّدُ كُلَّ يَوْمٍ، وَالصُّوفُ وَالشَّعْرُ عَيْنٌ مَوْجُودَةٌ دَائِمَةٌ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ. (7872) فَصْلٌ: وَأَمَّا صُوفُهَا، فَإِنْ كَانَ جَزُّهُ أَنْفَعَ لَهَا، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي زَمَنِ الرَّبِيعِ، تَخِفُّ بِجَزِّهِ وَتَسْمَنُ، جَازَ جَزُّهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِهَا؛ لِقُرْبِ مُدَّةِ الذَّبْحِ أَوْ كَانَ بَقَاؤُهُ أَنْفَعَ لَهَا؛ لِكَوْنِهِ يَقِيهَا الْحَرَّ وَالْبَرْدَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ بَعْضِ أَجْزَائِهَا.

[مَسْأَلَةٌ مَا يُوجِب الْأُضْحِيَّة]
(7873) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَإِيجَابُهَا أَنْ يَقُولَ: هِيَ أُضْحِيَّةٌ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَتَتَعَيَّنُ بِهِ، هُوَ الْقَوْلُ دُونَ النِّيَّةِ. وَهَذَا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: إذَا اشْتَرَى شَاةً أَوَغَيْرَهَا بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ، صَارَتْ أُضْحِيَّةً؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِشِرَاءِ أُضْحِيَّةٍ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِالنِّيَّةِ وَقَعَتْ عَنْهَا، كَالْوَكِيلِ. وَلَنَا، أَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النِّيَّةُ الْمُقَارِنَةُ لِلشِّرَاءِ، كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ، وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ جَعْلُهُ لِمُوَكِّلِهِ بَعْدَ إيقَاعِهِ، وَهَا هُنَا بَعْدَ الشِّرَاءِ يُمْكِنُهُ جَعْلُهَا أُضْحِيَّةً. فَأَمَّا إذَا قَالَ: هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ. صَارَتْ وَاجِبَةً، كَمَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ بُقُولِ سَيِّدِهِ: هَذَا حُرٌّ. وَلَوْ أَنَّهُ قَلَّدَهَا أَوَأَشْعَرَهَا يَنْوِي بِهِ جَعْلَهَا أُضْحِيَّةً، لَمْ تَصِرْ أُضْحِيَّةً حَتَّى يَنْطِقَ بِهِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 446
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست