responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 416
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ. وَهُوَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ الْأَثْرَمُ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْمُضْطَرِّ يَجِدُ الْمَيْتَةَ، وَلَمْ يَأْكُلْ؟ فَذَكَرَ قَوْلَ مَسْرُوقٍ: مَنْ اُضْطُرَّ، فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ، فَمَاتَ، دَخَلَ النَّارَ. وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] . وَتَرْكُ الْأَكْلِ مَعَ إمْكَانِهِ فِي هَذَا الْحَالِ إلْقَاءٌ بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] .
وَلِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إحْيَاءِ نَفْسِهِ بِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ طَعَامٌ حَلَالٌ. وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ طَاغِيَةَ الرُّومِ حَبَسَهُ فِي بَيْتٍ، وَجَعَلَ مَعَهُ خَمْرًا مَمْزُوجًا بِمَاءٍ، وَلَحْمَ خِنْزِيرٍ مَشْوِيٍّ، ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ، حَتَّى مَالَ رَأْسُهُ مِنْ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَخَشُوا مَوْتَهُ، فَأَخْرَجُوهُ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ اللَّهُ أَحَلَّهُ لِي؛ لِأَنِّي مُضْطَرٌّ، وَلَكِنْ لَمْ أَكُنْ لِأُشْمِتَك بِدِينِ الْإِسْلَامِ.
وَلِأَنَّ إبَاحَةَ الْأَكْلِ رُخْصَةٌ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، كَسَائِرِ الرُّخَصِ؛ وَلِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ، وَالْأَخْذِ بِالْعَزِيمَةِ، وَرُبَّمَا لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِتَنَاوُلِ الْمَيْتَةِ، وَفَارَقَ الْحَلَالَ فِي الْأَصْلِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ.

[فَصْلٌ تُبَاحُ أَكْلُ الْمُحَرَّمَاتِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهَا]
(7806) فَصْلٌ: وَتُبَاحُ الْمُحَرَّمَاتُ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهَا، فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْآيَةَ مُطْلَقَةٌ، غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِإِحْدَى الْحَالَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ {فَمَنِ اضْطُرَّ} [البقرة: 173] . لَفْظٌ عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ مُضْطَرٍّ؛ وَلِأَنَّ الِاضْطِرَارَ يَكُونُ فِي الْحَضَرِ فِي سَنَةِ الْمَجَاعَةِ، وَسَبَبُ الْإِبَاحَةِ الْحَاجَةُ إلَى حِفْظِ النَّفْسِ عَنْ الْهَلَاكِ؛ لِكَوْنِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ أَعْظَمَ مِنْ مَصْلَحَةِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ، وَالصِّيَانَةِ عَنْ تَنَاوُلِ الْمُسْتَخْبَثَاتِ، وَهَذَا الْمَعْنَى عَامٌّ فِي الْحَالَيْنِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: أَنَّ الْمَيْتَةَ لَا تَحِلُّ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ ضَرُورَتِهِ بِالْمَسْأَلَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: أَكْلُ الْمَيْتَةِ إنَّمَا يَكُونُ فِي السَّفَرِ. يَعْنِي أَنَّهُ فِي الْحَضَرِ يُمْكِنُهُ السُّؤَالُ. وَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْحَضَرَ يُوجَدُ فِيهِ الطَّعَامُ الْحَلَالُ، وَيُمْكِنُ دَفْعُ الضَّرُورَةِ بِالسُّؤَالِ، وَلَكِنَّ الضَّرُورَةَ أَمْرٌ مُعْتَبَرٌ بِوُجُودِ حَقِيقَتِهِ، لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالْمَظِنَّةِ، بَلْ مَتَى وُجِدَتْ الضَّرُورَةُ أَبَاحَتْ، سَوَاءٌ وُجِدَتْ الْمَظِنَّةُ أَوْ لَمْ تُوجَدْ، وَمَتَى انْتَفَتْ، لَمْ يُبَحْ الْأَكْلُ لِوُجُودِ مَظِنَّتِهَا بِحَالٍ.

[فَصْلٌ لَيْسَ لِلْمُضْطَرِّ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ الْأَكْلُ مِنْ الْمَيْتَةِ]
فَصْلٌ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَيْسَ لِلْمُضْطَرِّ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ الْأَكْلُ مِنْ الْمَيْتَةِ، كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ، وَالْآبِقِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] . قَالَ مُجَاهِدٌ: غَيْرَ بَاغٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَادٍ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست