responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 36
لَا تَأْخُذُونَ إلَّا بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَأَخْبِرُونِي عَنْ عَدَدِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ، وَعَدَدِ أَرْكَانِهَا وَرَكَعَاتِهَا وَمَوَاقِيتِهَا، أَيْنَ تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ وَأَخْبِرُونِي عَمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ، وَمَقَادِيرِهَا وَنُصُبِهَا؟ فَقَالُوا: أَنْظِرْنَا فَرَجَعُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا مِمَّا سَأَلَهُمْ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ. فَقَالُوا: لَمْ نَجِدْهُ فِي الْقُرْآنِ. قَالَ: فَكَيْفَ ذَهَبْتُمْ إلَيْهِ؟ قَالُوا: لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ وَفَعَلَهُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ. فَقَالَ لَهُمْ فَكَذَلِكَ الرَّجْمُ، وَقَضَاءُ الصَّوْمِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ وَرَجَمَ خُلَفَاؤُهُ بَعْدَهُ وَالْمُسْلِمُونَ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ، وَفَعَلَ ذَلِكَ نِسَاؤُهُ وَنِسَاءُ أَصْحَابِهِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَمَعْنَى الرَّجْمِ أَنْ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ وَغَيْرِهَا حَتَّى يُقْتَلَ بِذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَرْجُومَ يُدَامُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ حَتَّى يَمُوتَ. وَلِأَنَّ إطْلَاقَ الرَّجْمِ يَقْتَضِي الْقَتْلَ بِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} [الشعراء: 116] . وَقَدْ «رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ زَنَيَا، وَمَاعِزًا، وَالْغَامِدِيَّةَ، حَتَّى مَاتُوا.»

[فَصْلٌ كَيْفَ يُقَام الْحَدّ عَلَى الزَّانِي الرَّجُل]
فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ الزَّانِي رَجُلًا أُقِيمَ قَائِمًا، وَلَمْ يُوثَقْ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُحْفَرْ لَهُ، سَوَاءٌ ثَبَتَ الزِّنَى بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْفِرْ لِمَاعِزٍ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَجْمِ مَاعِزٍ خَرَجْنَا بِهِ إلَى الْبَقِيعِ، فَوَاَللَّهِ مَا حَفَرْنَا لَهُ، وَلَا أَوْثَقْنَاهُ، وَلَكِنَّهُ قَامَ لَنَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّ الْحَفْرَ لَهُ، وَدَفْنَ بَعْضِهِ، عُقُوبَةٌ لَمْ يَرِدْ بِهَا الشَّرْعُ فِي حَقِّهِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَثْبُتَ. وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، أَنَّهَا لَا يُحْفَرُ لَهَا أَيْضًا. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي " الْخِلَافِ "، وَذَكَرَ فِي " الْمُجَرَّدِ " أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ الْحَدُّ بِالْإِقْرَارِ، لَمْ يُحْفَرْ لَهَا، وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، حُفِرَ لَهَا إلَى الصَّدْرِ.
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدِي. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِمَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ وَبُرَيْدَةُ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ امْرَأَةً، فَحَفَرَ لَهَا إلَى الثَّنْدُوَةِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا، وَلَا حَاجَةَ إلَى تَمْكِينِهَا مِنْ الْهَرَبِ، لِكَوْنِ الْحَدِّ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، فَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلٍ مِنْ جِهَتِهَا، بِخِلَافِ الثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ، فَإِنَّهَا تُتْرَكُ عَلَى حَالٍ لَوْ أَرَادَتْ الْهَرَبَ تَمَكَّنَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهَا عَنْ إقْرَارِهَا مَقْبُولٌ. وَلَنَا، أَنَّ أَكْثَرَ الْأَحَادِيثِ عَلَى تَرْكِ الْحَفْرِ، فَإِنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْفِرْ لِلْجُهَنِيَّةِ، وَلَا لِمَاعِزٍ، وَلَا لِلْيَهُودِيَّيْنِ» ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، وَلَا يَقُولُونَ بِهِ، فَإِنَّ الَّتِي نُقِلَ عَنْهُ الْحَفْرُ لَهَا، ثَبَتَ حَدُّهَا بِإِقْرَارِهَا، وَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا فِيهَا، فَلَا يَسُوغُ لَهُمْ الِاحْتِجَاجُ بِهِ مَعَ مُخَالِفَتِهِمْ لَهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ ثِيَابَ الْمَرْأَةِ تُشَدُّ عَلَيْهَا، كَيْ لَا تَنْكَشِفَ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا. وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست