responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 359
وَيَجُوزُ تَسْمِيَةُ الْحَرَمِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: 1] . وَإِنَّمَا أُسْرِيَ بِهِ مِنْ بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ. وَيُخَالِفُ الْحِجَازَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ مِنْهُ مَعَ إذْنِهِ فِي الْحِجَازِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ وَالْيَهُودُ بِخَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْحِجَازِ، وَلَمْ يُمْنَعُوا مِنْ الْإِقَامَةِ بِهِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَجْلَاهُمْ عُمَرُ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلِأَنَّ الْحَرَمَ أَشْرَفُ، لِتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ، وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ وَشَجَرُهُ وَالْمُلْتَجِئُ إلَيْهِ، فَلَا يُقَاسُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ.
فَإِنْ أَرَادَ كَافِرٌ الدُّخُولَ إلَيْهِ، مُنِعَ مِنْهُ. فَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ مِيرَةٌ أَوْ تِجَارَةٌ، خَرَجَ إلَيْهِ مَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ، وَلَمْ يُتْرَكْ هُوَ يَدْخُلُ.
وَإِنْ كَانَ رَسُولًا إلَى إمَامٍ بِالْحَرَمِ، خَرَجَ إلَيْهِ مَنْ يَسْمَعُ رِسَالَتَهُ، وَيُبَلِّغُهَا إيَّاهُ. فَإِنْ قَالَ: لَا بُدَّ لِي مِنْ لِقَاءِ الْإِمَامِ، وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ، خَرَجَ إلَيْهِ الْإِمَامُ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ، فَإِنْ دَخَلَ الْحَرَمَ عَالِمًا بِالْمَنْعِ عُزِّرَ، وَإِنْ دَخَلَ جَاهِلًا، نُهِيَ وَهُدِّدَ. فَإِنْ مَرِضَ بِالْحَرَمِ أَوْ مَاتَ، أُخْرِجَ وَلَمْ يُدْفَنْ بِهِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ أَعْظَمُ. وَيُفَارِقُ الْحِجَازَ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّ دُخُولَهُ إلَى الْحَرَمِ حَرَامٌ، وَإِقَامَتَهُ بِهِ حَرَامٌ، بِخِلَافِ الْحِجَازِ. وَالثَّانِي، أَنَّ خُرُوجَهُ مِنْ الْحَرَمِ سَهْلٌ مُمْكِنٌ، لِقُرْبِ الْحِلِّ مِنْهُ، وَخُرُوجَهُ مِنْ الْحِجَازِ فِي مَرَضِهِ صَعْبٌ مُمْتَنِعٌ. وَإِنْ دُفِنَ، نُبِشَ وَأُخْرِجَ، إلَّا أَنْ يَصْعُبَ إخْرَاجُهُ؛ لِنَتِنِهِ وَتَقَطُّعِهِ.
وَإِنْ صَالَحَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى دُخُولِ الْحَرَمِ بِعِوَضٍ، فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ. فَإِنْ دَخَلُوا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ، لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِمْ الْعِوَضُ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ اسْتَوْفُوا مَا صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ. وَإِنْ وَصَلُوا إلَى بَعْضِهِ، أُخِذَ مِنْ الْعِوَضِ بِقَدْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِمْ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ مَا اسْتَوْفَوْا لَا قِيمَةَ لَهُ، وَالْعَقْدُ لَمْ يُوجِبْ الْعِوَضَ، لِكَوْنِهِ بَاطِلًا.

[فَصْلٌ لَيْسَ لِأَهْلِ الْكِتَاب دُخُول مَسَاجِد الْحِلِّ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْلِمِينَ]
(7692) فَصْلٌ: فَأَمَّا مَسَاجِدُ الْحِلِّ، فَلَيْسَ لَهُمْ دُخُولُهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَصُرَ بِمَجُوسِيٍّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَقَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَنَزَلَ، وَضَرَبَهُ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ أَبْوَابِ كِنْدَةَ. فَإِنْ أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِهَا، جَازَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ أَهْلِ الطَّائِفِ، فَأَنْزَلَهُمْ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ إسْلَامِهِمْ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: قَدْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَدْخُلُ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ. وَقَدِمَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ، لِيَفْتِكَ بِهِ، فَرَزَقَهُ اللَّهُ الْإِسْلَامَ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 359
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست